عداء الوهابية لأهل البيت
هل ابن تيمية والوهابية يعادون أهل البيت حقًا؟
ليس خافيًا على أحد عداء فرقة الوهابية لأهل بيت رسول الله (ص). وقد انعكس هذا العداء بأشكال مختلفة من قبل ابن تيمية، الذي يُعتبر شيخ الإسلام لفرقة الوهابية، وكذلك من قبل الفرقة الوهابية نفسها. ومن الأمور التي تُثبت عداء هذه المجموعة لأهل البيت (ع) إنكار فضائل أهل البيت، وتشبيه الإمام علي (ع) بفرعون، وتبرئة أعدائه وتكفير أتباع الإمام علي، وتأييد أعداء الإمام علي وخاصة يزيد بن معاوية، وهدم قبور أهل البيت.
عداء ابن تيمية لأهل بيت النبي (ص)
- لا يقرّ ابن تيمية بأيّ فضيلة لأهل البيت (ع)، بل يعتبر أن أفضليتهم ناشئة من عادات جاهلية العرب. يقول ابن تيمية: «إن الاعتقاد بتفوّق وأفضلية أهل بيت رسول الله على الآخرين من أفكار عصر الجاهلية، التي كان يُقدِّم فيها زعماء القبيلة ورؤساؤها على غيرهم.». [١]هذا الكلام من قبل ابن تيمية يتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي، حيث يؤكد القرآن في آية التطهير والأحاديث النبوية، بالأخص حديث الثقلين وحديث السفينة، على فضائل أهل البيت (ع)، كما أن آية القربي تُوجب محبة أهل البيت على المسلمين.
- يشبّه ابن تيمية الإمام علي (ع) بفرعون في سفك الدماء والسعي إلى السلطة، بينما ورد في حديث متّفق عليه بين الشيعة والسنة أن النبي (ص) قال لعلي وفاطمة (ع) والحسن (ع) والحسين (ع): «أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم»[٢]، أي أن النبي (ص) سيكون في حالة حرب مع من يحاربهم وفي حالة سلام مع من يسالمهم. قول الجصاص بعد ذكر هذا الحديث: "من حاربهم يستحق اسم المحارب لله ورسوله حتى لو لم يكن مشركًا".[٣]
هذه المواقف تُظهر مدى العداء الذي يكنّه ابن تيمية تجاه أهل البيت (ع)، وهو ما يتناقض مع النصوص الإسلامية التي تؤكد على مكانتهم وفضائلهم.
- لقد عبّر ابن تيمية عن آراء تُظهر عداءه الواضح للإمام علي (ع)، وأصحابه حيث قال: "الذين انتقدوا عليًّا ولعنوه واعتبروه كافرًا وظالمًا، مثل الخوارج والأمويين والمروانيين، كلهم كانوا من أهل الإسلام، معتقدين بشعائر الإسلام وعاملين بها. أما الذين ينزهون عليًّا ويوالونه فهم من أهل الردة والكفر".[٤]
هذه الأقوال تتعارض بشكل صارخ مع مكانة الإمام علي (ع) كواحد من أهل البيت (ع)، الذين أكدت النصوص الإسلامية على فضلهم ومكانتهم. بل إن الإمام فخر الرازي، أحد أشهر مفسري أهل السنة، قال: «من اقتدى بعلي بن أبي طالب في دينه فقد اهتدى، ودليل ذلك قول النبي (ص): «اللهم أدر الحق مع علي حيث دار.».[٥] كما ورد في مصادر أهل السنة أن «علي مع الحق، والحق مع علي حيثما كان.».[٦]
- ابن تيمية يضعف جميع الأحاديث التي وردت في فضل أهل البيت، إما من ناحية السند أو من ناحية الدلالة. على سبيل المثال، الحديث الذي رُوي في كتب أهل السنة المعتبرة، بما في ذلك صحيح مسلم، عن أم المؤمنين عائشة في شأن نزول آية التطهير، وفي رواية أخرى عن أم سلمة أن النبي (ص) قال بعد نزول هذه الآية: «اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأَذْهِبْ عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا.».[٧] وبعدما عجز ابن تيمية من الطعن في سند هذا الحديث، يقول بكل صراحة: "لا هذه الآية التي نزلت في شأن أهل البيت، ولا دعاء النبي لهم، يُعتبران مزية أو فضيلة لأي أحد من أهل البيت".[٨]
رأي آل الشيخ، المفتي المعاصر للوهابية، حول الإمام الحسين (ع)
أما عبد العزيز الشيخ المفتي الوهابي المعاصر للوهابية فلديه وجهة نظر أكثر تطرفًا وسلبية اتجاه الإمام الحسين (ع) من ابن تيمية وغيره من زعماء الوهابية السابقين. لقد رفع آل الشيخ المفتي الأعلى للوهابية، كما ينعكس ذلك في العديد من المواقع الإلكترونية، الحجاب عن قلب الوهابية، حيث صرح وبشكل واضح على أن يزيد على حق والإمام الحسين (ع) كان على باطل. وبحسب ما ورد في المواقع الإلكترونية، فقد أجاب آل الشيخ على امرأة سألته عن يزيد وثورة الإمام الحسين (ع) في برنامج مباشر بُث على فضائية المجد السعودية، وكان ملخص إجابته على النحو التالي: «بيعة يزيد بن معاوية بيعة شرعية أُخذت من الناس في عهد والده معاوية، وقد بايعه الناس وخضعوا لهذه البيعة. ولكن عندما توفي معاوية، رفض الحسين بن علي وابن الزبير مبايعة يزيد؛ وبالتالي، أخطأ الحسين وابن الزبير في قرارهما بعدم البيعة. ولم يستمع الحسين لنصيحة الآخرين، وعمل خلاف المصلحة، وقدّر الله ما قدّر. وأضاف: الحسين أخطأ في حق نفسه!!... على أي حال، فخروج وثورة الحسين ضد يزيد كانت حرامًا!!... وكان من الأفضل له ألا يفعل ذلك. وكان البقاء في المدينة والالتزام بما اجتمع عليه الناس أفضل وأجدر، ولم يكن تجاوز حدود الخلافة جائزًا. ومع ذلك، نسأل الله الرضا للحسين ونطلب له العفو والمغفرة!!...».[٩]
عندما يكون الإمام الحسين (ع)، ووفقًا للحديث المتواتر والصحيح، هو وأخوه الإمام الحسن (ع) سيدا شباب أهل الجنة، فلا يمكن تصور أي خطأ أو ذنب بالنسبة لهما حتى يطلب آل الشيخ أو آخرين المغفرة لهما.
رأي الوهابية حول يوم عاشوراء
يعتبر الوهابيون المعاصرون يوم عاشوراء يوم فرح وسرور. ففي الكويت، أعلنت بعض الصحف التابعة لهذه الجماعة أن يوم عاشوراء هو يوم فرح وسرور. كما أنهم، وعلى الرغم من تكريم أهل السنة لآل بيت الرسول (ص)، يقيمون حفلات الزفاف والاحتفالات عمدًا في ليلة تاسوعاء ويوم عاشوراء الحسين في الكويت.[١٠]
آل الشيخ، الذي يكنّ عداءً شديدًا لأهل بيت رسول الله (ص) وخاصة الإمام الحسين (ع)، أقام حفل زفاف ابنه المسمى عمر بن عبد العزيز في يوم عاشوراء لإظهار هذا العداء، وحضر هذا الحفل عدد كبير من مفتي السعودية.[١١]
كراهية الوهابية لزيارة السيدة زينب (ع)
شبكة "صفا" الإخبارية الوهابية، والتي يموّلها جهاز الاستخبارات السعودي، وتقع مكاتبها الرئيسية في الكويت والقاهرة والرياض، وصفت عناصر الجيش الحرّ السوري بأنّهم أحفاد بني أمية في الشام، ووجهت إليهم الخطاب التالي: «يا أحفاد معاوية بن أبي سفيان، ويا أحفاد يزيد بن معاوية! يا جنود الجيش الحر! عليكم أن تستهدفوا 'مَعْبَد' زينب وتدمروه، وأن تهدموا جميع الأضرحة المشابهة له.».[١٢]
وقد سلك الوهابيون المعاصرون طريق التطرف في هذا الاتجاه إلى درجة أنهم شكلوا جيشًا باسم يزيد وابن زياد، وخرجوا بمسيرات في باكستان تحت شعار "يزيد وابن زياد شهيدان".[١٣]
دعم الوهابية لأعداء أهل البيت (ع)
في إطار عدائهم لأهل بيت رسول الله (ص)، أكد الوهابيون على دعمهم لقتلة الإمام الحسين (ع) ويدافعون عنهم بجدية.
- في المجلد الرابع من كتابه "منهاج السنة" (من الصفحة 549 إلى 575)، يسعى ابن تيمية جاهدًا لتبرئة يزيد بن معاوية من جريمة كربلاء المروعة، التي أدت إلى استشهاد الحسين بن علي (ع) سبط رسول الله (ص) وأبنائه وأصحابه، وأسر عائلة رسول الله (ص). حيث يضع يزيد في نفس مستوى الخلفاء المسلمين الآخرين، ويقول: قالب:نتن عربی.[١٤] يدافع ابن تيمية وبشكل صريح عن عمر بن سعد، القاتل المباشر للحسين (ع) وأصحابه، قائلًا: قالب:عربی.[١٥]
- يكتب الوهابيون كُتبًا في أعداء أهل البيت، وخاصة أعداء علي (ع)، مثل معاوية بن أبي سفيان وابنه يزيد، وبعناوين مثل "فضائل معاوية" و"في يزيد وأنه لا يُسب". أما النسائي، عندما سُئل عن فضائل معاوية، أجاب: «لا أعرف له فضيلة إلا اللعنة المشهورة التي دعا بها النبي (ص) عليه، حيث قال: لا أشبع الله بطنه.».[١٦]
- يقول الوهابيون عن الروايات التي تُنقل في ذمّ وطعن مخالفي أهل البيت مثل معاوية بن أبي سفيان، وعمر بن سعد، وبني أمية، وبني مروان، وعمرو بن العاص، ويزيد بن معاوية وأمثالهم، بكل قطع ويقين ودون إقامة أي دليل: "هذه الروايات كلها كذب وباطل".[١٧]
- يتمتع يزيد بن معاوية بأهمية كبيرة لدى الوهابية المعاصرة، لدرجة أن وزارة التعليم في الحكومة السعودية قامت بطباعة كتاب بعنوان "حقائق عن أمير المؤمنين يزيد بن معاوية"، وتم اعتماده كأحد النصوص الدراسية في المدارس الرسمية في هذا البلد.[١٨]
- بثّت إحدى الوسائل الإعلامية العراقية صورة تُظهر أن الوهابيين الحاكمين في السعودية، لإظهار مدى كراهيتهم لرسول الله (ص) وأهل بيته (ع)، قاموا بتسمية المدارس والشوارع بأسماء أعداء آخر رسل الله وأهل بيته الطاهرين. مثل "مدرسة يزيد بن معاوية"، و"شارع يزيد بن معاوية"، و"مدرسة أبي لهب" الذي بلغ عداؤه لرسول الله (ص) حدًا أنزل الله فيه سورة في القرآن الكريم تلعنه وتذمه. وكذلك "شارع أبرهة الحبشي"، وهو الشخص الذي أراد تدمير الكعبة المشرفة في السنة المعروفة بعام الفيل، فأهلكه الله وجنوده بعذاب أليم.[١٩]
هدم قبور أهل البيت (ع)
أثبت الوهابيون عداءهم وخصومتهم لأهل بيت النبي (ص) عمليًا من خلال هدم قبور أهل البيت في مقبرة البقيع، وهجماتهم العسكرية على كربلاء والنجف، حيث دفن الإمام الحسين والإمام علي (ع)، وقتلهم الوحشي للمسلمين ومحبي أهل البيت. هذه الأفعال تنبع من فكرهم المنحرف القائم على العداء لأهل بيت رسول الله (ص) وحب أعدائهم، وخاصة يزيد وعائلته.
ما الذي يمكن أن يبرّر حملات الوهابيين العسكرية المتتالية بقيادة سعود بن عبد العزيز على كربلاء والنجف من عام 1216 إلى 1225 هـ، سوى عدائهم لأهل البيت؟ في عام 1262 هـ، دخل جيش الوهابيين، المكون من سكان نجد وعشائر المناطق المحيطة وسكان الحجاز وتهامة، مدينة كربلاء في شهر ذي القعدة. وقتلوا معظم الناس في الشوارع والأسواق والمنازل، ثم خرجوا من المدينة قريب الظهر مع غنائم وأموال كثيرة، وتجمعوا في منطقة تُسمى "أبيض"، حيث قام سعود نفسه بأخذ خمس الغنائم، وقسموا الباقي بحصة واحدة لكل مشترِك راجل وحصتين لكل فارس.[٢٠]
منابع
- ↑ ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، منهاج السنة، مصر، مؤسسة قرطبة، ج3، ص269.
- ↑ حاكم نيشابوري، محمد بن عبدالله، المستدرك على الصحيحين، بيروت، دار الكتب العلمية، چ1، 1411ق/1990م، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، ج3، ص161؛ سنن ابن ماجه، محمد بن يزيد أبو عبدالله القزويني، سنن ابن ماجه، دار الفكر – بيروت، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، جأ، ص52.
- ↑ جصاص، أحمد بن علي الرازي، أحكام القرآن للجصاص، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1405ق، تحقيق: محمد الصادق قمحاوي، ج4، ص51.
- ↑ ابن تيمية، منهاج السنة، ج5، ص9.
- ↑ فخررازي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي، التفسير الكبير يا مفاتيح الغيب، بيروت، دار الكتب العلمية، چ1، 1421ق/2000م، ج1، ص168.
- ↑ حاكم نيشابوري، المستدرك على الصحيحين، ج3، ص134؛ هيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد، القاهرة، دار الريان للتراث؛ وبيروت، دار المكتبة العلمية، 1408ق، ج7، ص235.
- ↑ أحمد بن حنبل، مسند أحمد، بيروت، دار الصادر، بي تا، ج1، ص331.
- ↑ ابن تيمية، منهاج السنة، مطبعة كبرى أميرية، چ1، 1322ق، ج3، ص4.
- ↑ http://database-aryana-encyclopaedia.blogspot.com/2013/07/blog-post_14.html
- ↑ خبرنامه…، رقم 1153، ص53.
- ↑ موقع مشرق نيوز.
- ↑ خبرنامه جامعه المدرسين، رقم 1138، ص56.
- ↑ خبرنامه جامعه المدرسين، رقم 1195، ص51.
- ↑ منهاج السنة، ج2، ص70.
- ↑ ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، مجموعة الفتاوى، بي تا، بي جا، ج3، ص413 و ج4، ص475.
- ↑ نسائي، أحمد بن شعيب، خصائص إيرالمؤمنين(ع)، مكتبة نينوي الحديثه، ص23؛ أبي داود، سليمان، مسند أبي داود، بيروت، دار الحديث، ص359.
- ↑ ابن قيم، محمد بن أبي بكر، نقد المنقول، بيروت، دار القاري، أول، 1411ق، ص108.
- ↑ تيجاني، سيد محمد، الشيعة هم أهل السنة، حاشية ص94؛ وأسعد وحيد القاسم، حقيقة الشيعة الإثني عشريه، ص82.
- ↑ خبرنامه جامعه المدرسين، رقم 1198، ص65.
- ↑ صالح عثيمين، عبدالله، تاريخ المملكة السعودية، الرياض، عبكان، چ15، 1430، ج1، ص73.