علماء ساهموا في نشر التشيع


سؤال

أي من علماء الشيعة الكبار لعبوا دورًا في نشر التشيع؟

لعب علماء الشيعة، كلٌ حسب دوره، دورًا في نشر التشيع. ومن عوامل نمو وانتشار التشيع في العالم المعاصر، أربعة عشر قرنًا من الجهد العلمي والعَملي لهؤلاء العلماء. ومع ذلك، برز دور بعض العلماء بشكل أكبر. فهم، بفهمهم للظروف السياسية والاجتماعية لعصرهم، استغلوا العديد من الفرص لنشر هذا المذهب. في الفترة التي تلت الغزو المغولي، يمكن ذكر المحقق الحلي، والعلامة الحلي، والخواجة نصير الدين الطوسي. وفي العصر الصفوي، عندما أُعلن التشيع كمذهب رسمي في إيران، لعب المحقق الكركي، والعلامة المجلسي، والشيخ البهائي دورًا كبيرًا في نشر التشيع في إيران. وفي العصر المعاصر، لعب آية الله البروجردي والإمام الخميني دورًا مهمًا في نشر التشيع في العالم.

قبل الغزو المغولي

مع الأخذ في الاعتبار الظروف السياسية والاجتماعية للدول الإسلامية، لم يكن لمذهب التشيع ظهورٌ بارزٌ حتى القرن السابع الهجري، وكان الإعلان العلني عن التشيع في العديد من المناطق يُعتبر جريمةً يعاقب عليها بعواقب وخيمة. وقد تعرض الشيعة الاثنا عشرية دائمًا للاضطهاد والتعذيب، رغم أنّهم حققوا بعض النجاحات في بعض الأحيان، مثل دولة البويهيين التي دعمت الشيخ المفيد، مما مكّنه من تقديم العديد من الخدمات.

ألحق الغزو المغولي أضرارًا جسيمة بجزء كبير من العالم الإسلامي. فخلال هذا الغزو، قُتل العديد من أهل السنة والشيعة، ولكن بفضل جهود العلماء المسلمين، وخاصة علماء الشيعة، تحوّل الحكام المغول إلى قبول الإسلام، وفي بعض الأحيان إلى التشيع.

المحقق الحلي

في فترة مرجعية المحقق الحلي، استولى هولاكو خان على بغداد وقتل آخر الخلفاء العباسيين، ولكن مدينة الحلة، التي كانت من مراكز الشيعة في العراق، نجت من أضرار المغول بفضل حكمة المحقق الحلي وغيره من الفقهاء. توفي المحقق الحلي عام 676 هـ في الحلة ودُفن هناك.

العلامة الحلي

قالب:مفصلة

من أهم إنجازات العلّامة الحلي كان تحويل السلطان محمد خدابنده إلى مذهب التشيع. وقد ذُكرت أسباب عديدة لهذا التحول، منها عدم رضا السلطان عن آراء فقهاء أهل السنة، بالإضافة إلى الحُجج العقلية وإتقان العلامة الحلي للأساليب الكلامية العقلية والنقلية، مما أدّى إلى قبول السلطان للتشيع. ومع ذلك، تسبّب هذا في مشاكل سياسية كثيرة للعلامة. بعد ذلك، حصل العلامة على مكانة مهمة في بلاط السلطان وجعل نشر التشيع أساس عمله.[١] لقد كان للعلامة الحلي دور كبير في خدمة التشيع من الناحية السياسية والعلمية، خاصة في إيران، حيث ساهم في ازدهار التشيع ودعم الشيعة علميًا وسياسيًا. توفي العلامة الحلي في محرم عام 726 هـ عن عمر يناهز 78 عامًا.

نصير الدين الطوسي

من العلماء الشيعة المشهورين في القرن السابع الهجري محمد بن محمد بن الحسن، المعروف بالخواجة نصير الدين الطوسي. وُلد الخواجة نصير الدين عام 597 هـ في طوس. بعد أن استولى هولاكو على بغداد في صفر عام 656 هـ، تولى الخواجة نصير الدين إدارة الأوقاف، واستغل إمكانيات الدولة والأوقاف لإنشاء جامعة مراغة ومرصد فلكي كبير. دعا الخواجة جميع العلماء المسلمين، سواء من الشيعة أو السنة، للقدوم إلى هذا المركز العلمي للبحث. كما أسس مكتبة كبيرة وجمع فيها الكتب المتناثرة. تم إنشاء هذا المركز العلمي الضخم في وقت كانت فيه الشرق والغرب يعانيان من الدمار الذي خلفه المغول. كان وجود الخواجة في الجهاز الحكومي لهولاكو المغولي مبنيًا على النظرية الشيعية التي تقول إن التواجد في أجهزة الحكام الظالمين حرام إلا إذا كان الهدف إقامة حق أو إزالة باطل.

المحقق الكركي

علي بن الحسين بن عبد العالي الكَرَكي، المعروف بالمحقق الثاني أو المحقق الكركي، هو أحد فقهاء العصر الصفوي. وُلد في إحدى قرى بعلبك في لبنان.[٢] تم تعيينه من قبل الشاه طهماسب الصفوي كشيخ الإسلام، وقام بإصلاح الأمور الدينية. أرسل تعليمات إلى جميع أنحاء البلاد تحدّد كيفية تعامل عمّال الحكومة مع الناس في جباية الضرائب وكميتها وموعدها. كما عيّن إمامًا في كل مدينة وقرية لإقامة صلاة الجماعة وتعليم الأحكام.[٣]

كان تأثير المحقق الكركي في نشر التشيع في إيران كبيرًا لدرجة أنّه قيل إنّه بعد الخواجة نصير الدين الطوسي، لم يكن هناك أحد أكثر تأثيرًا منه في نمو مذهب أهل البيت (ع)، حيث قام بإزالة الفساد، وأبطل القوانين المبتدعة، ونفّذ الحدود والتعزيرات، وأقام صلاة الجماعة وغيرها من الواجبات.[٤] سافر المحقق الكركي في أواخر عمره إلى النجف، وتوفي هناك عام 940 هـ.

الشيخ البهائي

من علماء العصر الصفوي الآخرين الشيخ محمد بن حسين بن عبد الصمد الحارثي، المعروف بالشيخ البهائي. جاء إلى إيران في طفولته مع والده ودرس فيها. قال الشيخ الحر العاملي، مؤلف كتاب وسائل الشيعة، عنه: جمع كل المحاسن، وفضائله لا تُحصى، كان بارعًا في جميع العلوم، وشاعرًا وأديبًا، وفقيهاً ومحدثًا، وكان لا مثيل له في الرياضيات وغيرها من العلوم.[٥] كما كان الشيخ البهائي فقيها وألّف كتابًا بالفارسية بعنوان "جامع عباسي" في الفقه، بالإضافة إلى 18 كتابًا آخر في نفس الموضوع.[٦] قدّم خدمات كبيرة لنشر التشيع خلال فترة شيخوخة الإسلام. وذُكر له 55 كتابًا في مواضيع مختلفة.[٧]

توفي الشيخ البهائي عام 1030 هـ عن عمر يناهز 78 عامًا، ودُفن بجوار الإمام علي بن موسى الرضا (ع).

العلامة المجلسي

العلامة المجلسي، ابن الملا محمد تقي المجلسي، هو أحد علماء الشيعة المشهورين. وُلد عام 1038 هـ. ذُكر له 169 كتابًا، وأشهر أعماله هو بحار الأنوار الذي نُشر في 110 مجلدات. قبل عام 1098 هـ، وبإصرار من الشاه سليمان، تولى منصب شيخ الإسلام. وكان جادًا في تطبيق أحكام الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لدرجة أنّ إدوارد براون وصفه بأنّه رجل مخيف.

توفّي العلامة المجلسي عام 1110 هـ في أصفهان ودُفن هناك. قيل إنه طالما كان العلامة المجلسي على قيد الحياة، كان الشاه سلطان حسين متديّنًا وحسن السلوك، ولكن بعد وفاته، انحدر الشاه إلى الفساد وأصبح غير مكترث بالعلماء.

علماء العصر المعاصر

على الرغم من أنّنا ذكرنا هؤلاء العلماء كأبرز من ساهم في نشر التشيع، فإنّ جميع العلماء من صدر الإسلام حتى اليوم قدّموا خدمات كبيرة لنمو وانتشار التشيع. وفي العصر المعاصر، يجب ذكر علماء مثل آية الله البروجردي، الذي كان له تأثير كبير على الحوزة العلمية والعالم الشيعي، كما ساهم في إصدار فتوى من شيخ الأزهر بجواز اتّباع مذهب التشيع.

كذلك الإمام الخميني هو أحد العلماء المعاصرين الذين كان لهم تأثير كبير في نمو التشيع.

المصادر

  1. الخوانساري، محمد باقر، روضات الجنات، قم، إسماعليان، بدون تاريخ، ج2، ص281.
  2. دواني، علي، مفاخر إسلام، ج4، ص421.
  3. الخوانساري، محمد باقر، روضات الجنات، قم، إسماعيليان، بدون تاريخ، ص361.
  4. الخوانساري، محمد باقر، روضات الجنات، ص369.
  5. الخوانساري، محمد باقر، روضات الجنات، قم، إسماعيليان، بدون تاريخ، ج7، ص6.
  6. مهدي بور، محمود، شيخ بهايي، طهران، منظمة الإعلام الإسلامي، 1371، ص35.
  7. الخوانساري، محمد باقر، روضات الجنات، قم، إسماعيليان، بدون تاريخ، ص61.

رده:دانشمندان بزرگ شیعهرده:اسلام

قالب:تکمیل مقاله