خطبة الإمام السجاد (ع) في الشام

سؤال

ورد فی المصادر أنّ الإمام السجاد (ع) خطب في مجلس يزيد؛ فما الذي قاله الإمام في هذه الخطبة؟

خطبة الإمام السجّاد (ع) في الشام من أشهر الخُطب التي ألقاها بعد واقعة عاشوراء، والتي بواسطتها تمكّن الإمام (ع) من زعزعة شرعية الحكم الأموي وإبطال دعاياته التي استمرت أربعين عاماً ضد الإمام علي (ع) وأهل بيته (ع).

يُعتبر المحور الرئيسي لمضمون هذه الخطبة هو بيان مكانة أهل البيت (ع)، وذلك توضيحاً لمدى الظلم والجور الذي أصابهم من السلطة الحاكمة جرّاء تعاملها معهم خلال واقعة كربلاء. كما تُظهر خطبة الإمام السجاد (ع) في الشام شجاعة الإمام، وفصاحته، ودوره في إضاءة طريق الحق من خلال إحياء رسالة نهضة عاشوراء، وقد ورد أن هذه الخطبة كان لها تأثير تنويري فوري؛ حيث قامت اعتراضات الناس على أفعال يزيد بن معاوية، وامتلأ مجلس الخطبة بالبكاء والعويل.

بحسب المصادر التاريخية، أُلقيت هذه الخطبة بعد واقعة عاشوراء، أثناء أسر سبايا آل البيت (ع) وإجلائهم إلى الشام. ووفقاً لبعض الروايات، أمر يزيد خطيب البلاط أن يصعد المنبر ويمدح معاوية بن أبي سفيان، ويقدح في الإمام الحسين (ع) وأهل بيته، ففعل الخطيب ذلك، فتصدّى له الإمام السجاد (ع) وطلب الإذن بإلقاء كلمة، ورُفض طلبه في البداية، لكن بعد إصرار الحاضرين، وافق يزيد على أن يخطب الإمام (ع).

الأهمية

تُعتبر خطبة الإمام السجاد (ع) في الشام من أشهر خطبه وأكثرها فرادةً وقوّةً وبلاغةً، بل ووُصفت بأنها كلامٌ فوق العادة وكلامٌ مُزلزل، فقد استطاعت هذه الخطبة أن تُهزّ شرعيةَ حكم بني أمية، وتُبطلَ حملاتهم الدعائية التي استمرت أربعين عاماً ضد الإمام علي وأهل بيته (ع)، [١]

كما جسّدت هذه الخطبة شجاعةَ الإمام السجاد (ع) وفصاحته، ومكانته الرائدة في كشف الحق وإحياء رسالة نهضة عاشوراء، وقد كان لخطبته تأثيرٌ تنويري فوري، حيث انتفض الحاضرون ضد أفعال يزيد، وامتلأ المجلس بالبكاء والنحيب، بل إن بعض الحضور غادروا المكان رافضين الاعتراف بشرعية يزيد كخليفة للمسلمين.[٢]

يرى بعض الباحثين أن هذه الخطبة قدّمت نموذجاً للمنابر الحسينية، حيث يمكن للخطباء أن يستلهموا منها منهجاً يجعل كلامهم أكثرَ عمقاً وتأثيراً في قلوب الناس. [٣]


ظروف إلقاء الخطبة

وفقاً للمصادر التاريخية، أُلقيت خطبة الإمام السجاد (ع) في الشام بعد واقعة عاشوراء، أثناء أسر سبايا أهل البيت (ع) وإجلائهم إلى الشام،[٤] ووفقاً لبعض الروايات، أمر يزيد بن معاوية خطيب البلاط أن يصعد المنبر، ويستغل حالة السبايا ليمدح معاوية بن أبي سفيان، ويهجو الإمام الحسين (ع) وأهل بيته، فقام الخطيب بذلك، وأسرف في سب الإمام علي والإمام الحسين (عليهما السلام). [٥]

عندما كان الخطيب يخطب بتلك الأقوال الباطلة ضد أهل البيت (ع)، نهض الإمام زين العابدين (ع) فجأةً وصاح به: "وَيْلَكَ أَيُّهَا الْخَاطِبُ! لَقَدِ اشْتَرَيْتَ مَرْضَاةَ الْمَخْلُوقِ بِسَخَطِ الْخَالِقِ، فَتَبَوَّأْ مَقْعَدَكَ مِنَ النَّارِ"،[٦] ثم التفت الإمام (ع) إلى يزيد قائلاً: "أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَرْقَى هَذِهِ الْأَعْوَادَ فَأَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ فِيهِ لِلَّهِ رِضًا، وَلِهَؤُلَاءِ أَجْرٌ وَثَوَابٌ؟". رفض يزيد طلب الإمام (ع) في البداية، لعلمه بأن كلام الإمام سيكشف زيف حكمه ويُفضحه، لكن الحاضرين أصرّوا على منح الإمام الفرصة، فظل يزيد يرفض حتى قال له الناس: "يا أمير المؤمنين! ائذن له ليصعد، فلعلّنا نسمع منه شيئا" فقال لهم: "إن صعد المنبر هذا لم ينزل إلاّ بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان" فقالوا: "وما قدر ما يحسن هذا؟" فقال: "إنّه من أهل بيت قد زقّوا العلم زقاً"، وظل الناس يصرّون على يزيد حتى أذن للإمام (ع) بالصعود إلى المنبر، فبدأ الإمام بحمد الله والثناء عليه، ثم ألقى خطبته المشهورة. [٧]

المحاور الرئيسية لمضمون الخطبة

يُعتبر بيان مكانة أهل البيت هو جوهر الخطبة التي ألقاها الإمام السجاد (ع) في الشام، وذلك لكشف حجم الظلم والجور الذي مارسته سلطة الخلافة ضدهم في واقعة كربلاء،[٨] ولتحقيق هذا الهدف، بدأ الإمام (ع) بتعريف الحاضرين بالنبي محمد (ص)، ثم بالإمام علي (ع) والسيدة فاطمة الزهراء (ع)، مؤكداً أنه ابنهم ووريث فضائلهم، كما ذكر انتسابه للإمام الحسين (ع) والسيدة خديجة الكبرى (ع). [٩]

بيّن الإمام السجاد (ع) في خطبته هذه أبرز ست صفات تميز بها أهل البيت (ع)، وهي: العلم، والحلم، والسماحة، والفصاحة، والشجاعة، والمحبة في قلوب المؤمنين، كما عدّد الإمام (ع) سبع خصائص أوجبت الفضيلة لأهل البيت (ع) على سواهم، وهي:

  1. أن منهم رسول الله (ص).
  2. أن منهم الإمام علي بن أبي طالب (ع).
  3. أن منهم جعفر الطيار (ع).
  4. أن منهم حمزة سيد الشهداء (ع).
  5. أن منهم الإمام الحسن المجتبى (ع).
  6. أن منهم الإمام الحسين سيد الشهداء (ع).
  7. أنهم ورثة أفضل عباد الله الصالحين. [١٠]

متن الخطبة