حديث «علي ممسوس في ذات الله»

    سؤال

    هل حديث "عَلِيٌّ مَمْسُوسٌ فِي ذَاتِ اللَّهِ" معتبر؟ وما المقصود بـ "ممسوس في ذات الله"؟


    حديث لا تسبّوا عليّاً فإنه ممسوس في ذات الله تعالى هو حديث منسوب إلى النبي (ص)، وقد فُسِّر بأنه يشير إلى انجذاب الإمام علي (ع) وشغفه بذات الله العليّة. ومع ذلك، فإن سند هذا الحديث يُعتبر ضعيفًا بسبب وجود رواة مجهولين في سلسلة السند، إلا أنّ مضمونه مؤيّد بروايات أخرى صحيحة.

    وقد فسّر بعض العلماء جملة "ممسوس في ذات الله" بأنّها تشير إلى شجاعة الإمام علي (ع) وعدم خوفه، وكذلك إلى اختلاط لحمه ودمه بمحبة الله. هذا الحديث ذكره أبو القاسم الطبراني، من علماء أهل السنة في القرن الرابع الهجري، في كتابه "المعجم الأوسط"، كما ذكره منتجب الدين الرازي، من علماء القرن السادس الهجري، في كتابه "الأربعين عن الأربعين في فضائل أمير المؤمنين (ع)".

    النص

    روي عن النبي (ص) أنّه قال:

    سند الحديث

    حديث "لا تسبّوا عليّاً فإنّه (علي) ممسوس في ذات الله" رواه منتجب الدين الرازي في كتابه "الأربعين عن الأربعين في فضائل أمير المؤمنين (ع)" عن النبي (ص).[٢] وقد اختلف في انتماء منتجب الدين الرازي، فبعضهم اعتبره شيعيًا،[٣] [٤] بينما اعتبره آخرون من أهل السنة.[٥]

    رواة هذا الحديث في سلسلة السند هم:

    • سليمان بن أحمد: لم يرد ذكره في كتب رجال الشيعة وهو مجهول.
    • هارون بن سليمان البصري: لم يذكره علماء الرجال من الشيعة أو السنة.
    • سفيان بن بشر الكوفي: لم يرد ذكره في كتب رجال الشيعة،[٦] وهو مجهول عند أهل السنة.[٧]
    • يزيد بن أبي زياد: مجهول في كتب الرجال.[٨]
    • إسحاق بن كعب بن عُجرَة: مجهول عند علماء أهل السنة.[٩]
    • كعب بن عجرة (والد إسحاق): من أصحاب النبي (ص) والإمام علي (ع).[١٠]
    • عبد الرحمن بن عبد الله الحَصيري البصير: اعتبره بعض علماء أهل السنة ثقة.[١١] [١٢]

    وفقًا لعلماء الحديث فإنّ الحديث الذي يحتوي سنده على راوٍ مجهول أو أكثر يسمّى الحديث المجهول، ويعتبر ضعيفًا.[١٣]

    وقد ورد هذا الحديث أيضًا في بعض كتب أهل السنة، مثل "المعجم الأوسط" لأبي القاسم الطبراني (توفي 360 هـ)،[١٤] و"حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" لأبي نعيم الأصفهاني (توفي 430 هـ).[١٥] واعتبر محمد ناصر الدين الألباني، العالم السلفي (توفي 1420 هـ)، سند هذا الحديث ضعيفًا.[٧]

    معنى "ممسوس في ذات الله"

    • فسّر الفيض الكاشاني، الحكيم والمحدّث الشيعي في القرن الحادي عشر الهجري، "ممسوس في ذات الله" بأنه الشخص الذي انقطع عن نفسه واتصل بالله، ورأى كل القوى غارقة في قوة الله.[١٦] كما رأى أن كل العلوم مستمدة من العلم الإلهي، وكل كمال وإرادة من الله.[١٦]
    • ويعتقد السيد علي خان المدني، العالم الشيعي في القرن الثاني عشر الهجري، أن مثل هذا الشخص لا ينبغي أن يُسبّ، لأنّ كلّ صفاته وكمالاته إلهية.[١٧]
    • وقد فُسِّر "ممسوس" أيضًا بأنّه يعني الانجذاب والشغف بالله، حيث ذكر العلامة المجلسي في شرحه لهذا الحديث أنّ محبة الإمام علي (ع) لله كانت شديدة لدرجة أنّه كان كالمجنون بالله. كما أشار إلى احتمال أن "ممسوس" يعني اختلاط لحم ودم الإمام علي (ع) بمحبة الله.[١٨]
    • ويرى البعض أن النبي (ص) وصف الإمام علي (ع) بـ "ممسوس في ذات الله" بمعنى "مجنون الله"، لأنّه كما أنّ المجنون لا يهتمّ بكلام الآخرين، فإنّ عليًا (ع) لم يكن يخاف في طريق الله ولا يهتمّ بكيفية حكم الناس عليه.[١٩]

    معرض الصور

    المصادر

    1. منتجب الدين الرازي، علي، الأربعون حديثا عن اربعين شيخا من اربعين صحابيا في فضائل الإمام أمير المؤمنين (ع) قم، مدرسة الإمام المهدي، الطبعة 1، 1408هـ، ص54، حديث 26.
    2. منتجب الدين الرازي، علي، الأربعون حديثا عن اربعين شيخا من اربعين صحابيا في فضائل الإمام أمير المؤمنين (ع) قم، مدرسة الإمام المهدي، الطبعة 1، 1408هـ، ص54، حديث 26.
    3. الخوانساري، محمد باقر، روضات الجنات، تحقيق: أسد الله إسماعيليان، قم، دهاقاني (إسماعيليان)، 1390ش، ج4، ص317.
    4. الأفندي، عبد الله، رياض العلماء وحياض الفضلاء، تحقيق: أحمد الحسيني الأشكوري، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي، 1431هـ، ج4، ص141 و142.
    5. القزويني، آقا رضي، ضيافة الإخوان، نقلًا عن الأفندي، عبد الله، رياض العلماء وحياض الفضلاء، تحقيق: أحمد الحسيني الأشكوري، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي، 1431هـ، ج4، ص141 و142.
    6. نمازي الشاهرودي، علي، مستدركات علم رجال الحديث، طهران، حيدري، الطبعة 1، 1414هـ، ج4، ص89.
    7. تعدى إلى الأعلى ل: ٧٫٠ ٧٫١ ألباني، محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة واثرها السييء في الأمة، رياض، دار المعارف، 1412هـ، ج2، ص299.
    8. الجواهري، محمد، المفيد من معجم رجال الحديث، ص669.
    9. ابن حجر العسقلاني، أحمد، تقريب التهذيب، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة 2، 1415هـ، ج1، ص84.
    10. الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج14، ص117.
    11. الذهبي، محمد، الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة، جدّة، دار القبلة للثقافة الإسلامية، الطبعة 1، 1413هـ، ج1، ص632.
    12. السبكي، عبد الوهاب، طبقات الشافعية الكبرى، بدون مكان، دار إحياء الكتب العربية، بدون تاريخ، ج7، ص150.
    13. مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي، فرهنگ فقه فارسي، إشراف: السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي، ج3، ص269.
    14. الطبراني، أبو القاسم، المعجم الأوسط، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد وعبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، القاهرة، دار الحرمين، بدون تاريخ، ج9، ص142.
    15. الأصبهاني، أبو نعيم، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، مصر، السعادة، 1394هـ، ج1، ص68.
    16. تعدى إلى الأعلى ل: ١٦٫٠ ١٦٫١ الفيض الكاشاني، محمد محسن، الوافي، أصفهان، مكتبة الإمام أمير المؤمنين، الطبعة 1، 1406هـ، ج‏3، ص515.
    17. كبير مدني، علي خان، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين، قم، مكتب النشر الإسلامي، الطبعة 1، 1409هـ، ج1، ص34.
    18. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة 2، 1403هـ، ج39، ص313.
    19. رحماني الهمداني، أحمد، الإمام علي بن أبي طالب، بدون مكان، مركز فرهنگي انتشاراتي منير، الطبعة 1، 1377ش، ص132.


    رده:امام علی(ع)رده:تاریخ و سیره معصومان


    رده:منبع‌شناسی رده:مقاله‌های پیشنهادی رده:فقه الحدیث