الفرق بين المراجعتين لصفحة: «تحريفات واقعة عاشوراء من وجهة نظر الشهيد مطهري»
Translation (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
Translation (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
||
سطر ٥: | سطر ٥: | ||
{{درگاه|امام حسین}} | {{درگاه|امام حسین}} | ||
{{پاسخ}} | {{پاسخ}} | ||
تشمل التحريفات في واقعة عاشوراء من وجهة نظر الشهيد مطهري تحريفات ناتجة عن أغراض الأعداء، ورغبة البشر في صناعة الأساطير، والرغبة في إبكاء الناس على الإمام الحسين (ع) بأي وسيلة كانت، مما يشوّه أهداف واقعة عاشوراء، مثل الإصلاح | تشمل التحريفات في [[واقعة عاشوراء]] من وجهة نظر [[الشهيد مطهري]] تحريفات ناتجة عن أغراض الأعداء، ورغبة البشر في صناعة الأساطير، والرغبة في إبكاء الناس على [[الإمام الحسين (ع)]] بأي وسيلة كانت، مما يشوّه أهداف واقعة عاشوراء، مثل الإصلاح و<nowiki/>[[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]]. | ||
من وجهة نظر مرتضي مطهري، تشمل التحريفات التي حدثت في واقعة عاشوراء تحريفات لفظية ومعنوية. التحريفات المعنوية تؤدي إلى انحراف هدف هذه الواقعة وعدم وصول رسالتها إلى الجمهور عبر تاريخ البشرية. تتضمن عوامل التحريف في واقعة عاشوراء عوامل عامة وخاصة، حيث أنّ العوامل العامة تظهر في جميع الأحداث. تعدّ أغراض الأعداء ورغبة البشر في صناعة الأساطير من العوامل العامة لتحريف عاشوراء، بينما تعدّ المحاولات لإبكاء الناس على مصائب الإمام الحسين (ع) بأي طريقة من العوامل الخاصة للتحريف. | من وجهة نظر مرتضي مطهري، تشمل التحريفات التي حدثت في واقعة عاشوراء تحريفات لفظية ومعنوية. التحريفات المعنوية تؤدي إلى انحراف هدف هذه الواقعة وعدم وصول رسالتها إلى الجمهور عبر تاريخ البشرية. تتضمن عوامل التحريف في واقعة عاشوراء عوامل عامة وخاصة، حيث أنّ العوامل العامة تظهر في جميع الأحداث. تعدّ أغراض الأعداء ورغبة البشر في صناعة الأساطير من العوامل العامة لتحريف عاشوراء، بينما تعدّ المحاولات لإبكاء الناس على مصائب الإمام الحسين (ع) بأي طريقة من العوامل الخاصة للتحريف. | ||
يعتبر الشهيد مطهري أنّ قيام الإمام الحسين (ع) من أجل أن يُقتل وأن يصبح دمه كفارة لذنوب أمة النبي (ص)، وكذلك قصة عرس القاسم بن الحسن (ع)، من بين التحريفات التي حدثت في هذه الواقعة. ومن وجهة نظر مطهري، فإنّ على كل مؤمن واجبًا ورسالة في مكافحة تحريفات واقعة كربلاء. وهذا الواجب يقع على عاتق علماء الأمة وكذلك على عامة الناس. | يعتبر الشهيد مطهري أنّ قيام الإمام الحسين (ع) من أجل أن يُقتل وأن يصبح دمه كفارة لذنوب أمة [[النبي (ص)]]، وكذلك قصة عرس [[القاسم بن الحسن (ع)]]، من بين التحريفات التي حدثت في هذه الواقعة. ومن وجهة نظر مطهري، فإنّ على كل مؤمن واجبًا ورسالة في مكافحة تحريفات واقعة كربلاء. وهذا الواجب يقع على عاتق علماء الأمة وكذلك على عامة الناس. | ||
==تعريف التحريف== | ==تعريف التحريف== | ||
سطر ١٨: | سطر ١٨: | ||
* التحريف اللفظي: وهو التحريف الذي يتم فيه التصرف في ظاهر الكلام ولفظه بحيث يتغير ظاهر الكلام. ومن أمثلة التحريف اللفظي حذف عبارة من نص أو إضافة عبارة إليه، أو تقديم وتأخير الجمل بحيث يتغير معنى الكلام.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص59.</ref> | * التحريف اللفظي: وهو التحريف الذي يتم فيه التصرف في ظاهر الكلام ولفظه بحيث يتغير ظاهر الكلام. ومن أمثلة التحريف اللفظي حذف عبارة من نص أو إضافة عبارة إليه، أو تقديم وتأخير الجمل بحيث يتغير معنى الكلام.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص59.</ref> | ||
* التحريف المعنوي: وهو أن يقوم المحرف بالتصرف في المعاني دون تغيير الألفاظ، حيث تبقى الألفاظ كما هي، لكن يتم تفسيرها بطريقة تتناسب مع مقصود المحرّف وتتعارض مع مقصود المتحدّث الأصلي.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص59.</ref> وقد نسب القرآن الكريم التحريف المعنوي في الغالب إلى | * التحريف المعنوي: وهو أن يقوم المحرف بالتصرف في المعاني دون تغيير الألفاظ، حيث تبقى الألفاظ كما هي، لكن يتم تفسيرها بطريقة تتناسب مع مقصود المحرّف وتتعارض مع مقصود المتحدّث الأصلي.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص59.</ref> وقد نسب [[القرآن الكريم]] التحريف المعنوي في الغالب إلى [[اليهود]]، حيث يقول في إحدى آياته عن التحريف المعنوي: {{قرآن|أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}}.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص59-60.</ref> | ||
* التحريف من حيث الموضوع: أحيانًا يحدث التحريف في كلام عادي، مثل أن يحرّف شخصان كلام بعضهما البعض. هذا النوع من التحريف مذموم، لكن تأثيره السلبي محدود. ولكن أحيانًا يحدث التحريف في موضوع اجتماعي كبير. في التاريخ، هناك شخصيات يعدّ قولهم وعملهم حجّة للناس. فتحريف كلام مثل هؤلاء الأشخاص خطر على الفرد والمجتمع. مثل أن يحرّف شخص حدثًا تاريخيًا كبيرًا، يعتبر وثيقة ودعمًا أخلاقيًا وتربويًا.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص61.</ref> من وجهة نظر مطهري، فإنّ التحريف في حادثة كربلاء، التي تعد حدثًا اجتماعيًا كبيرًا، يؤدّي إلى انحراف هذه الواقعة وعدم وصول رسالتها إلى الجمهور عبر تاريخ البشرية، ممّا يشكّل خسارة كبيرة للإنسانية.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص62.</ref> | * التحريف من حيث الموضوع: أحيانًا يحدث التحريف في كلام عادي، مثل أن يحرّف شخصان كلام بعضهما البعض. هذا النوع من التحريف مذموم، لكن تأثيره السلبي محدود. ولكن أحيانًا يحدث التحريف في موضوع اجتماعي كبير. في التاريخ، هناك شخصيات يعدّ قولهم وعملهم حجّة للناس. فتحريف كلام مثل هؤلاء الأشخاص خطر على الفرد والمجتمع. مثل أن يحرّف شخص حدثًا تاريخيًا كبيرًا، يعتبر وثيقة ودعمًا أخلاقيًا وتربويًا.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص61.</ref> من وجهة نظر مطهري، فإنّ التحريف في حادثة كربلاء، التي تعد حدثًا اجتماعيًا كبيرًا، يؤدّي إلى انحراف هذه الواقعة وعدم وصول رسالتها إلى الجمهور عبر تاريخ البشرية، ممّا يشكّل خسارة كبيرة للإنسانية.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص62.</ref> | ||
سطر ٢٦: | سطر ٢٦: | ||
تنقسم عوامل تحريف أي حدث إلى قسمين:<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص77.</ref> | تنقسم عوامل تحريف أي حدث إلى قسمين:<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص77.</ref> | ||
:عوامل عامة: وهي عوامل قد تؤدي إلى تحريف أي حدث ولا تختص | :عوامل عامة: وهي عوامل قد تؤدي إلى تحريف أي حدث ولا تختص ب<nowiki/>[[واقعة كربلاء]].<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص77.</ref> ومن هذه العوامل أغراض أعداء واقعة عاشوراء ورغبة البشر في صناعة الأساطير.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص77-82.</ref> | ||
:عوامل خاصة: وأهم عامل محرف لواقعة عاشوراء هو أن بعض الناس يحاولون، بزعمهم، إبقاء حادثة عاشوراء حيّة بأي طريقة، حتى لو كانت عن طريق التحريف والاختلاق، وهذا بحدّ ذاته عامل للتحريف.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص82-87.</ref> | :عوامل خاصة: وأهم عامل محرف لواقعة عاشوراء هو أن بعض الناس يحاولون، بزعمهم، إبقاء حادثة عاشوراء حيّة بأي طريقة، حتى لو كانت عن طريق التحريف والاختلاق، وهذا بحدّ ذاته عامل للتحريف.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص82-87.</ref> | ||
سطر ٣٤: | سطر ٣٤: | ||
===تحريفات معنوية=== | ===تحريفات معنوية=== | ||
* القول بأنّ الإمام الحسين (ع) قام ليُقتل ويصبح دمه كفارة لذنوب أمة النبي (ص)، في حين أن الإمام الحسين (ع) أكد مرارًا أن قيامه كان إصلاحيًا في أمة النبي (ص) ولإقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص103.</ref> | * القول بأنّ [[الإمام الحسين (ع)]] قام ليُقتل ويصبح دمه كفارة لذنوب [[أمة النبي (ص)]]، في حين أن الإمام الحسين (ع) أكد مرارًا أن قيامه كان إصلاحيًا في أمة النبي (ص) ولإقامة [[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]].<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص103.</ref> | ||
* القول بأنّ قيام الإمام الحسين (ع) كان نتيجة لأمر خاص (من قبل الله)، مما يجعل عمل الإمام الإصلاحي غير قابل للاقتداء. في حين أن الإمام الحسين (ع) أكّد أن دوافع قيامه كانت أمورًا تتوافق مع المبادئ العامة للإسلام، ولا حاجة لأمر خاص في مثل هذه الحالات.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص103-105.</ref> | * القول بأنّ قيام الإمام الحسين (ع) كان نتيجة لأمر خاص (من قبل الله)، مما يجعل عمل الإمام الإصلاحي غير قابل للاقتداء. في حين أن الإمام الحسين (ع) أكّد أن دوافع قيامه كانت أمورًا تتوافق مع المبادئ العامة للإسلام، ولا حاجة لأمر خاص في مثل هذه الحالات.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص103-105.</ref> | ||
===نماذج أخرى=== | ===نماذج أخرى=== | ||
* قصة أنّ الإمام علي (ع) كان يخطب على المنبر فشكا الإمام الحسين (ع) العطش، فأمر الإمام علي (ع) بإحضار الماء، فكان أول من نهض هو العباس (ع) الذي أحضر الماء من عند أمه، وعندما دخل بكى الإمام علي (ع) وأخبر عن [[واقعة كربلاء]]. هذه القصة غير موجودة في المصادر التاريخية ولا تتناسب مع سنّ الإمام الحسين (ع) وتتعارض مع مكانته.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص66-67.</ref> | * قصة أنّ [[الإمام علي (ع)]] كان يخطب على المنبر فشكا الإمام الحسين (ع) العطش، فأمر الإمام علي (ع) بإحضار الماء، فكان أول من نهض هو [[العباس (ع)]] الذي أحضر الماء من عند أمه، وعندما دخل بكى الإمام علي (ع) وأخبر عن [[واقعة كربلاء]]. هذه القصة غير موجودة في المصادر التاريخية ولا تتناسب مع سنّ الإمام الحسين (ع) وتتعارض مع مكانته.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص66-67.</ref> | ||
* حضور ليلي والدة علي الأكبر (ع)، في كربلاء وما روي حول ذلك.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص68-69.</ref> | * [[حضور ليلي والدة علي الأكبر (ع)، في كربلاء]] وما روي حول ذلك.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص68-69.</ref> | ||
* قصة عرس القاسم بن الحسن (ع) في خضمّ أحداث كربلاء، وهي قصة لا سند لها ولا تتفق مع العقلانية.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص69-70.</ref> | * قصة عرس [[القاسم بن الحسن (ع)]] في خضمّ أحداث كربلاء، وهي قصة لا سند لها ولا تتفق مع العقلانية.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص69-70.</ref> | ||
* قصة زعفر الجني وحضوره في كربلاء لمساعدة الإمام الحسين (ع) ورفض الإمام لطلبه.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص70-71.</ref> | * قصة [[زعفر الجني]] وحضوره في كربلاء لمساعدة الإمام الحسين (ع) ورفض الإمام لطلبه.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص70-71.</ref> | ||
==واجب الشيعة في مواجهة التحريف== | ==واجب الشيعة في مواجهة التحريف== | ||
من وجهة نظر الشهيد مطهري، فإنّ واجب مكافحة التحريفات يقع على عاتق علماء الأمة الإسلامية وكذلك على عامة الناس.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص114-118.</ref> وواجب العامة في مكافحة التحريفات هو الاعتماد على فطرتهم السليمة لتحديد التحريفات التي تتعارض مع الفطرة وعدم الاعتقاد بها.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص115-118.</ref> وبشكل عام فإنّ العلماء عندما يواجهون التحريفات المنتشرة بين عامة الناس يمكن أن يكون لديهم أحد الموقفين: | من وجهة نظر الشهيد مطهري، فإنّ واجب مكافحة التحريفات يقع على عاتق علماء الأمة الإسلامية وكذلك على عامة الناس.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص114-118.</ref> وواجب العامة في مكافحة التحريفات هو الاعتماد على فطرتهم السليمة لتحديد التحريفات التي تتعارض مع الفطرة وعدم الاعتقاد بها.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص115-118.</ref> وبشكل عام فإنّ العلماء عندما يواجهون التحريفات المنتشرة بين عامة الناس يمكن أن يكون لديهم أحد الموقفين: | ||
* بعض العلماءيكافحون نقاط الضعف لدى الناس في مجال التحريفات؛ ويطلق على هؤلاء العلماء اسم "المصلحين".<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص123.</ref> في موضوع التحريف، أحد نقاط الضعف لدى العامة هو حبهم للضجيج في مجالس العزاء والاهتمام بذلك. في حين يسعى العالم المصلح إلى عدم الاستسلام لهذه الرغبات، بل يجعل الحقيقة أساسًا له ويكافح التحريف والكذب في هذا المجال.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص124-126.</ref> | * بعض العلماءيكافحون نقاط الضعف لدى الناس في مجال التحريفات؛ ويطلق على هؤلاء العلماء اسم "المصلحين".<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص123.</ref> في موضوع التحريف، أحد نقاط الضعف لدى العامة هو حبهم للضجيج في [[مجلس العزاء|مجالس العزاء]] والاهتمام بذلك. في حين يسعى العالم المصلح إلى عدم الاستسلام لهذه الرغبات، بل يجعل الحقيقة أساسًا له ويكافح التحريف والكذب في هذا المجال.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص124-126.</ref> | ||
* بعض العلماء يرون أن مكافحة نقاط الضعف لدى الناس في مجال تحريفات عاشوراء أمر صعب. من وجهة نظر هؤلاء العلماء، فإنّ مكافحة نقاط الضعف لا تفيد بل قد تضرّ. هؤلاء العلماء يستغلّون نقاط الضعف لدى الناس في مجال العزاء ويحرّفون ملحمة عاشوراء لجعل مجالسهم أكثر رواجًا. هؤلاء العلماء يمثلون نموذج "الفقهاء الفجار" الذين قال عنهم النبي (ص) إنهم من آفات الدين الثلاث.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص124-126.</ref> | * بعض العلماء يرون أن مكافحة نقاط الضعف لدى الناس في مجال تحريفات عاشوراء أمر صعب. من وجهة نظر هؤلاء العلماء، فإنّ مكافحة نقاط الضعف لا تفيد بل قد تضرّ. هؤلاء العلماء يستغلّون نقاط الضعف لدى الناس في مجال العزاء ويحرّفون ملحمة عاشوراء لجعل مجالسهم أكثر رواجًا. هؤلاء العلماء يمثلون نموذج "الفقهاء الفجار" الذين قال عنهم [[النبي (ص)]] إنهم من آفات الدين الثلاث.<ref>مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص124-126.</ref> | ||
==المصادر== | ==المصادر== |
المراجعة الحالية بتاريخ ٢٣:٣٠، ٢١ مارس ٢٠٢٥
من وجهة نظر الشهيد مطهري، ما هي التحريفات التي حدثت في رواية واقعة كربلاء؟
تشمل التحريفات في واقعة عاشوراء من وجهة نظر الشهيد مطهري تحريفات ناتجة عن أغراض الأعداء، ورغبة البشر في صناعة الأساطير، والرغبة في إبكاء الناس على الإمام الحسين (ع) بأي وسيلة كانت، مما يشوّه أهداف واقعة عاشوراء، مثل الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
من وجهة نظر مرتضي مطهري، تشمل التحريفات التي حدثت في واقعة عاشوراء تحريفات لفظية ومعنوية. التحريفات المعنوية تؤدي إلى انحراف هدف هذه الواقعة وعدم وصول رسالتها إلى الجمهور عبر تاريخ البشرية. تتضمن عوامل التحريف في واقعة عاشوراء عوامل عامة وخاصة، حيث أنّ العوامل العامة تظهر في جميع الأحداث. تعدّ أغراض الأعداء ورغبة البشر في صناعة الأساطير من العوامل العامة لتحريف عاشوراء، بينما تعدّ المحاولات لإبكاء الناس على مصائب الإمام الحسين (ع) بأي طريقة من العوامل الخاصة للتحريف.
يعتبر الشهيد مطهري أنّ قيام الإمام الحسين (ع) من أجل أن يُقتل وأن يصبح دمه كفارة لذنوب أمة النبي (ص)، وكذلك قصة عرس القاسم بن الحسن (ع)، من بين التحريفات التي حدثت في هذه الواقعة. ومن وجهة نظر مطهري، فإنّ على كل مؤمن واجبًا ورسالة في مكافحة تحريفات واقعة كربلاء. وهذا الواجب يقع على عاتق علماء الأمة وكذلك على عامة الناس.
تعريف التحريف
معنى التحريف هو انحراف شيء عن مساره ووضعه الأصلي.[١] ومع ذلك، لا يشمل التحريف دائمًا تغيير وتحويل موضوع التحريف؛ بل التحريف يعني أن يقدّم الشخص قولًا أو كتابة بطريقة لا توصل المقصود الأصلي منهما، بل تنقل مقصودًا آخر غير مقصود المتحدّث أو الكاتب الأصلي إلى الجمهور.[٢]
أنواع التحريف
للتحريف أنواع، وأهمّها:
- التحريف اللفظي: وهو التحريف الذي يتم فيه التصرف في ظاهر الكلام ولفظه بحيث يتغير ظاهر الكلام. ومن أمثلة التحريف اللفظي حذف عبارة من نص أو إضافة عبارة إليه، أو تقديم وتأخير الجمل بحيث يتغير معنى الكلام.[٣]
- التحريف المعنوي: وهو أن يقوم المحرف بالتصرف في المعاني دون تغيير الألفاظ، حيث تبقى الألفاظ كما هي، لكن يتم تفسيرها بطريقة تتناسب مع مقصود المحرّف وتتعارض مع مقصود المتحدّث الأصلي.[٤] وقد نسب القرآن الكريم التحريف المعنوي في الغالب إلى اليهود، حيث يقول في إحدى آياته عن التحريف المعنوي: ﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.[٥]
- التحريف من حيث الموضوع: أحيانًا يحدث التحريف في كلام عادي، مثل أن يحرّف شخصان كلام بعضهما البعض. هذا النوع من التحريف مذموم، لكن تأثيره السلبي محدود. ولكن أحيانًا يحدث التحريف في موضوع اجتماعي كبير. في التاريخ، هناك شخصيات يعدّ قولهم وعملهم حجّة للناس. فتحريف كلام مثل هؤلاء الأشخاص خطر على الفرد والمجتمع. مثل أن يحرّف شخص حدثًا تاريخيًا كبيرًا، يعتبر وثيقة ودعمًا أخلاقيًا وتربويًا.[٦] من وجهة نظر مطهري، فإنّ التحريف في حادثة كربلاء، التي تعد حدثًا اجتماعيًا كبيرًا، يؤدّي إلى انحراف هذه الواقعة وعدم وصول رسالتها إلى الجمهور عبر تاريخ البشرية، ممّا يشكّل خسارة كبيرة للإنسانية.[٧]
عوامل التحريف
تنقسم عوامل تحريف أي حدث إلى قسمين:[٨]
- عوامل عامة: وهي عوامل قد تؤدي إلى تحريف أي حدث ولا تختص بواقعة كربلاء.[٩] ومن هذه العوامل أغراض أعداء واقعة عاشوراء ورغبة البشر في صناعة الأساطير.[١٠]
- عوامل خاصة: وأهم عامل محرف لواقعة عاشوراء هو أن بعض الناس يحاولون، بزعمهم، إبقاء حادثة عاشوراء حيّة بأي طريقة، حتى لو كانت عن طريق التحريف والاختلاق، وهذا بحدّ ذاته عامل للتحريف.[١١]
نماذج من التحريفات
من أمثلة التحريفات في واقعة كربلاء من وجهة نظر مطهري:
تحريفات معنوية
- القول بأنّ الإمام الحسين (ع) قام ليُقتل ويصبح دمه كفارة لذنوب أمة النبي (ص)، في حين أن الإمام الحسين (ع) أكد مرارًا أن قيامه كان إصلاحيًا في أمة النبي (ص) ولإقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.[١٢]
- القول بأنّ قيام الإمام الحسين (ع) كان نتيجة لأمر خاص (من قبل الله)، مما يجعل عمل الإمام الإصلاحي غير قابل للاقتداء. في حين أن الإمام الحسين (ع) أكّد أن دوافع قيامه كانت أمورًا تتوافق مع المبادئ العامة للإسلام، ولا حاجة لأمر خاص في مثل هذه الحالات.[١٣]
نماذج أخرى
- قصة أنّ الإمام علي (ع) كان يخطب على المنبر فشكا الإمام الحسين (ع) العطش، فأمر الإمام علي (ع) بإحضار الماء، فكان أول من نهض هو العباس (ع) الذي أحضر الماء من عند أمه، وعندما دخل بكى الإمام علي (ع) وأخبر عن واقعة كربلاء. هذه القصة غير موجودة في المصادر التاريخية ولا تتناسب مع سنّ الإمام الحسين (ع) وتتعارض مع مكانته.[١٤]
- حضور ليلي والدة علي الأكبر (ع)، في كربلاء وما روي حول ذلك.[١٥]
- قصة عرس القاسم بن الحسن (ع) في خضمّ أحداث كربلاء، وهي قصة لا سند لها ولا تتفق مع العقلانية.[١٦]
- قصة زعفر الجني وحضوره في كربلاء لمساعدة الإمام الحسين (ع) ورفض الإمام لطلبه.[١٧]
واجب الشيعة في مواجهة التحريف
من وجهة نظر الشهيد مطهري، فإنّ واجب مكافحة التحريفات يقع على عاتق علماء الأمة الإسلامية وكذلك على عامة الناس.[١٨] وواجب العامة في مكافحة التحريفات هو الاعتماد على فطرتهم السليمة لتحديد التحريفات التي تتعارض مع الفطرة وعدم الاعتقاد بها.[١٩] وبشكل عام فإنّ العلماء عندما يواجهون التحريفات المنتشرة بين عامة الناس يمكن أن يكون لديهم أحد الموقفين:
- بعض العلماءيكافحون نقاط الضعف لدى الناس في مجال التحريفات؛ ويطلق على هؤلاء العلماء اسم "المصلحين".[٢٠] في موضوع التحريف، أحد نقاط الضعف لدى العامة هو حبهم للضجيج في مجالس العزاء والاهتمام بذلك. في حين يسعى العالم المصلح إلى عدم الاستسلام لهذه الرغبات، بل يجعل الحقيقة أساسًا له ويكافح التحريف والكذب في هذا المجال.[٢١]
- بعض العلماء يرون أن مكافحة نقاط الضعف لدى الناس في مجال تحريفات عاشوراء أمر صعب. من وجهة نظر هؤلاء العلماء، فإنّ مكافحة نقاط الضعف لا تفيد بل قد تضرّ. هؤلاء العلماء يستغلّون نقاط الضعف لدى الناس في مجال العزاء ويحرّفون ملحمة عاشوراء لجعل مجالسهم أكثر رواجًا. هؤلاء العلماء يمثلون نموذج "الفقهاء الفجار" الذين قال عنهم النبي (ص) إنهم من آفات الدين الثلاث.[٢٢]
المصادر
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص58.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص58.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص59.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص59.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص59-60.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص61.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص62.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص77.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص77.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص77-82.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص82-87.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص103.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص103-105.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص66-67.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص68-69.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص69-70.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص70-71.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص114-118.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص115-118.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص123.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص124-126.
- ↑ مطهري، مرتضى، حماسه حسيني (الملحمة الحسينية)، طهران، دار صدرا للنشر، 1381ش، ج1، ص124-126.