خصائص المنافقين في القرآن

    سؤال

    ما هي علامات وخصائص المنافقين التي ذكرت في القرآن الكريم؟

    بيّن القرآن علامات وخصائص النفاق والمنافقين على المستويين الفردي والاجتماعي، ومن خصائص المنافق الفردية التي ذكرتها القرآن: الكسل والرياء في الصلاة، والاختلاف بين القول والعمل، والإعراض عن الله ورسوله (ص)، والزينة الظاهرية والكلام الجميل، وتعدد الشخصية.

    وأيضاً ذكر القرآن علامات اجتماعية للنفاق والمنافقين، ومنها: سوء الظن، والكبرياء والاستكبار، والذوق السياسي والثقافي غير السوي، والخداع بلا هدف، ونقض العهود والكذب، والفرار من الجهاد، والعيش في خوف دائم، وثني المجتمع عن الإنفاق، واستخدام الأيمان الكاذبة لانحراف المجتمع، والانتهازية.

    الخصائص الفردية للمنافقين

    الخصائص الفردية للمنافقين في القرآن الكريم:

    1. الكسل والرياء في الصلاة: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا(النساء:142)
    2. اختلاف القول والعمل: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ(المنافقون:1) فالمنافقون يشهدون زورًا بالتوحيد وأن محمد رسول الله، مع أنهم لا يؤمنون بذلك، وفي آية أخرى يذكر القرآن أن من صفات المنافقين ادعاءهم الإيمان بالله واليوم الآخر، بينما هم في الحقيقة لا يؤمنون. [١]
    3. الإعراض عن الله ورسوله (ص): ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا(النساء:61)
    4. التزين الظاهري والكلام المعسول: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ(المنافقون:4) في حين أن حقيقتهم مخالفة لذلك ﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ(المنافقون:4) فالمنافقون لهم أجساد بلا روح، وهياكل جوفاء، ولا نور في قلوبهم، كالأخشاب الجافة المتكئة على الجدار. [٢]
    5. ازدواجية الشخصية (تعدد الوجوه): يصف القرآن المنافقين بأنهم "متقلبون في مواقفهم"، حيث يظهرون كالمؤمنين عند لقاءهم، بينما يكشفون حقيقتهم عند خلوتهم مع أتباع الباطل. [٣] ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ(البقرة:14)

    الخصائص الاجتماعية للمنافقين

    1. سوء الظن بالله: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا(الفتح:6) وكان المنافقون أيضًا يتشاءمون من وعود رسول الله (ص) ويعتبرونها مجرد كذب وخداع. [٤]
    2. الذوق السياسي والثقافي الفاسد: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(التوبة:67) فالمنافقون والمنافقات متشابهون، يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف.
    3. الفرار من الجهاد: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ(عمران:167)
    4. الحياة مع الخوف: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ(التوبة:64)
    5. نقض العهود والكذب: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ(التوبة:77) وفي آيات أخرى، ورد أن المنافقين يعدون بالنصرة ويقطعون العهود، لكنهم لا يوفون بها، والله يعلم أنهم كاذبون وناقضون للعهود. [٥]
    6. الاستكبار: يذكر القرآن أن أحد صفات المنافقين وهي الاستكبار،[٦] فالمنافقون لا يقبلون حتى أن يطلب الرسول (ص) المغفرة لهم: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ(المنافقون:5) يؤكد القرآن بعد ذلك أنه سواء استغفرت لهم أم لا، فلن يغفر الله لهم، لأن الله لا يهدي القوم الفاسقين، وهؤلاء هم الذين يقولون: "لا تُنفقوا على الذين عند رسول الله حتى ينفضّوا" غير مدركين أن خزائن السماوات والأرض لله، ولكن المنافقين لا يفهمون. [٧]
    7. الخداع بلا هدف: بعد أن ينذر القرآن المنافقين بعذاب أليم،[٨] يذكر بعض صفاتهم، التي من أبرزها الخداع وعدم الوضوح في الهدف: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا۝ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا(النساء:143)
    8. ثني المجتمع عن الإنفاق: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّوا ۖ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ(المنافقون:7)
    9. استغلال الأيمان لتحريف المجتمع: بعد أن وصف القرآن المنافقين بالكذب في ادعائهم الإيمان برسول الله (ص)، ذكر أنهم يتخذون الأيمان وسيلة للانحراف﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(المنافقون:2) فالمنافقون يستغلون أيمانهم ليصدوا الناس عن سبيل الله، وهم دائمًا في صراع مع المؤمنين، فلا ينبغي الانخداع بمظاهرهم أو كلماتهم أو أيمانهم الكاذبة،[٩] فهم يحلفون دائمًا أنهم مع المؤمنين، لكنهم في الواقع يستغلون اسم الله لتعطيل سبيله، ويتسترون خلف أيمانهم الزائفة للإفساد والتآمر. [١٠]
    10. الانتهازية: يكشف القرآن في الآية 141 من سورة النساء جانبًا آخر من صفات المنافقين وأفكارهم الملتوية[١١] ﴿الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ۚ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا(النساء:141) فالمنافقون دائمًا يتربصون بالفرص، فإذا حقق المؤمنون نصرًا قالوا: "ألم نكن معكم؟" وإذا حصل الكفار على مكسب قالوا: "ألم نحمكم من المؤمنين؟".

    ذات صلة

    المصادر

    1. سورة البقرة، الآية ۸. الطباطبائي، محمد حسين‏، الميزان في تفسير القرآن، قم‏، دفتر انتشارات إسلامي‏، الطبعة الخامسة، ۱۳۷۴ش‏، ج۱، ص۸۷.
    2. مكارم الشيرازي، ناصر، تفسير الأمثل، طهران ، دار الكتب الإسلامية، الطبعة العاشرة، ۱۳۷۱ش، ج۲۴، ص۱۵۳.
    3. مكارم الشيرازي، ناصر، تفسير الأمثل، طهران ، دار الكتب الإسلامية، الطبعة العاشرة، ۱۳۷۱ش، ج1، ص96.
    4. سورة الأحزاب، الآية۱۲.
    5. سورة الحشر، الآية۱۱.
    6. الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، ‏بيروت‏، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى، [د.ت.]، ج۱۰، ص۱۳.
    7. سورة المنافقون، الآيات ۶و۷.
    8. سورة النساء، الآية۱۳۸.
    9. سورة التوبة، الآيات ۵۶ و ۷۴.
    10. مكارم الشيرازي، ناصر، تفسير الأمثل، طهران، دار الكتب الإسلامية، الطبعة العاشرة، ۱۳۷۱ش، ج۲۳، ص۴۵۸.
    11. الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم، دفتر انتشارات إسلامي، الطبعة الخامسة، ۱۳۷۴ش‏، ج۵، ص۱۸۹.

    رده:انسان‌شناسی در قرآن