١٬٠٠٥
تعديل
Translation (نقاش | مساهمات) |
Translation (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
{{شروع متن}} | |||
{{سوال}} | |||
كيف يمكن للأحكام الإسلامية التي تعود إلى 1400 عام أن تتكيف مع متطلبات الزمان والمكان؟ | كيف يمكن للأحكام الإسلامية التي تعود إلى 1400 عام أن تتكيف مع متطلبات الزمان والمكان؟ | ||
{{پایان سوال}} | |||
{{پاسخ}} | |||
{{درگاه|حکومت دینی}} | |||
[[الاجتهاد الحيوي]] أو '''الاجتهاد | [[الاجتهاد الحيوي]] أو '''الاجتهاد المتحرك''' هو أحد أهمّ خصائص [[الفقه]] الشيعي؛ إذ إنّ قدرة الفقه على التكيّف مع متطلّبات الزمان والمكان مع الحفاظ على ثباته وخلوده هي خصوصية فريدة تميّزه عن التشريعات الوضعية والمذاهب الفقهية الأخرى. في هذا المنظور، تلعب قاعدتان أصيلتان دورًا محوريًا: الأولى: {{متن عربي|حَلاَلُ مُحَمَّدٍ حَلاَلٌ أَبَداً إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ وَ حَرَامُهُ حَرَامٌ أَبَداً إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ}}، والثانية: {{متن عربي|عَلَيْنَا إِلْقَاءُ اَلْأُصُولِ وَ عَلَيْكُمُ اَلتَّفْرِيعُ}}، وهما قاعدتان أساسيتان في الفقه الشيعي. | ||
للتكيّف بين الإسلام ومتطلبات الزمان والمكان، يتم أولاً تقييم مطالب العصر والبيئة؛ ومعيار هذا التقييم هو تعاليم [[الإسلام]] وقيمه. إذا كانت هذه المطالب مشروعة من وجهة نظر الإسلام، وتستند إلى مصالح الإنسان ومفاسده وأهداف الخلق، يصدر حكم يتوافق معها باستخدام الأدوات والمنهجيات الفقهية؛ أما إذا كانت مطالب الزمان والمكان غير مشروعة، فلن يصدر أيّ حكم يتوافق معها، بل قد تُطرح الأحكام الإسلامية لرفضها ومحاربتها. | للتكيّف بين الإسلام ومتطلبات الزمان والمكان، يتم أولاً تقييم مطالب العصر والبيئة؛ ومعيار هذا التقييم هو تعاليم [[الإسلام]] وقيمه. إذا كانت هذه المطالب مشروعة من وجهة نظر الإسلام، وتستند إلى مصالح الإنسان ومفاسده وأهداف الخلق، يصدر حكم يتوافق معها باستخدام الأدوات والمنهجيات الفقهية؛ أما إذا كانت مطالب الزمان والمكان غير مشروعة، فلن يصدر أيّ حكم يتوافق معها، بل قد تُطرح الأحكام الإسلامية لرفضها ومحاربتها. | ||
يعتمد حيوية الاجتهاد والفقه الشيعي على عدة خصائص فريدة متجذرة في التعاليم الإسلامية؛ وهذه الخصائص تمكّن من الاستجابة المناسبة للاحتياجات الثابتة والمتغيّرة للإنسان، والتعامل مع ظواهر المجتمع البشري. ولهذا السبب، فإنّ الأحكام في الفقه الشيعي مَرِنة وقابلة للتكيّف مع أيّ زمان أو مكان. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ وجود قواعد عامة يمنح الفقيه القدرة على استنباط أحكام جديدة بشأن القضايا المستجدة. كما أنّ موضوع | يعتمد حيوية الاجتهاد والفقه الشيعي على عدة خصائص فريدة متجذرة في التعاليم الإسلامية؛ وهذه الخصائص تمكّن من الاستجابة المناسبة للاحتياجات الثابتة والمتغيّرة للإنسان، والتعامل مع ظواهر المجتمع البشري. ولهذا السبب، فإنّ الأحكام في الفقه الشيعي مَرِنة وقابلة للتكيّف مع أيّ زمان أو مكان. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ وجود قواعد عامة يمنح الفقيه القدرة على استنباط أحكام جديدة بشأن القضايا المستجدة. كما أنّ موضوع وملاك بعض الأحكام هو العُرف، الذي يحدّد الحُسن والقبح في السلوك. على سبيل المثال، عندما كانت الشطرنج تُعتبر من [[آلات القمار]]، كانت لعبها حرامًا؛ ولكن في الوقت الحاضر، نظرًا لأنّها مجرّد رياضة ذهنية، فهي حلال وجائزة بشرط توفر شروط معينة. | ||
== متطلبات الزمان والمكان == | == متطلبات الزمان والمكان == | ||
سطر ١٦: | سطر ١٨: | ||
من المهم ملاحظة أنّه ليس كلّ التغيرات ومتطلبات الزمان والمكان مقبولة أو معتمدة من وجهة نظر الإسلام؛ بحيث يطلب الإسلام التكيّف معها، بل إنّ الموقف الفقهي والإسلامي يتكيف مع متطلبات الزمان والمكان ويصدر أحكامًا متوافقة معها فقط إذا كانت هذه المتطلبات لا تتعارض مع المبادئ والقيم الإسلامية (التي تستند إلى الوحي والعلم الإلهي والفطرة البشرية). | من المهم ملاحظة أنّه ليس كلّ التغيرات ومتطلبات الزمان والمكان مقبولة أو معتمدة من وجهة نظر الإسلام؛ بحيث يطلب الإسلام التكيّف معها، بل إنّ الموقف الفقهي والإسلامي يتكيف مع متطلبات الزمان والمكان ويصدر أحكامًا متوافقة معها فقط إذا كانت هذه المتطلبات لا تتعارض مع المبادئ والقيم الإسلامية (التي تستند إلى الوحي والعلم الإلهي والفطرة البشرية). | ||
يظهر العديد من متطلبات الزمان والمكان بسبب الطبيعة الظالمة والاستغلالية لبعض البشر؛ وبالتأكيد، فإنّ الأحكام الإسلامية لا تتكيّف مع هذه المتطلبات فحسب، بل تقاومها أيضًا. | |||
في المقابل، تنشأ بعض متطلبات الزمان والمكان نتيجةً لتقدّم البشرية وتطوّرها في مختلف الجوانب الثقافية والاجتماعية والصناعية والعلمية. يحدّد الإسلام بإتقان الإنجازات الإيجابية في هذه المجالات، ويصدر الأحكام المناسبة بشأنها. | في المقابل، تنشأ بعض متطلبات الزمان والمكان نتيجةً لتقدّم البشرية وتطوّرها في مختلف الجوانب الثقافية والاجتماعية والصناعية والعلمية. يحدّد الإسلام بإتقان الإنجازات الإيجابية في هذه المجالات، ويصدر الأحكام المناسبة بشأنها. | ||
سطر ٢٤: | سطر ٢٦: | ||
==== المرأة في بداية ظهور الإسلام وقبله ==== | ==== المرأة في بداية ظهور الإسلام وقبله ==== | ||
في اليونان القديمة، كانت النساء محرومات من جميع الحقوق وعديمات المكانة والكرامة؛ بل كان | في اليونان القديمة، كانت النساء محرومات من جميع الحقوق وعديمات المكانة والكرامة؛ بل كان يتم تداولها كممتلكات، ولم يكن لديهنّ أيّ حقوق اقتصادية؛ لأنهنّ لم يكن يُعتبرن حتى بشرًا.<ref>منيسي، سامية، المرأه في الإسلام، ص 26–25.</ref> في إيران خلال العصر الأخميني والبارثي، كان الوضع مشابهًا لليونان. أما في شبه الجزيرة العربية وفي العصر الجاهلي قبل الإسلام كان وضع المرأة أسوأ من الجميع، حيث كان الرجال يتمتعون بسلطات مطلقة بينما كانت النساء تعتبرن ملكًا للآباء والأزواج، وقابلات للتبادل. إنّ واحدة من أسوأ العادات التي نشأت في العصر الجاهلي كانت وَأد البنات.<ref>منيسي، سامية، المرأه في الإسلام، ص 26–25.</ref> | ||
فهل كان على الإسلام أن يتكيّف مع هذه المطالب الزمانية والمكانية التي نشأت بشدّة بسبب الأديان المحرَّفة والحكومات المستبدة، أو التي كانت مقبولة في أذهان الناس في ذلك العصر وحتى بين النساء أنفسهنّ، ويبني أحكامه على أساس هذه المتطلبات الظالمة للزمان والمكان؟! | فهل كان على الإسلام أن يتكيّف مع هذه المطالب الزمانية والمكانية التي نشأت بشدّة بسبب الأديان المحرَّفة والحكومات المستبدة، أو التي كانت مقبولة في أذهان الناس في ذلك العصر وحتى بين النساء أنفسهنّ، ويبني أحكامه على أساس هذه المتطلبات الظالمة للزمان والمكان؟! | ||
لم يتكيّف الإسلام مع هذه المتطلبات فحسب، بل وقف دائمًا ضد هذه النظرة تجاه المرأة. فمنذ بداية ظهور الإسلام، تم تقديم المرأة في الرؤية الإسلامية كهديّة إلهية مخلوقة من نفس جوهر خلق الرجل، | لم يتكيّف الإسلام مع هذه المتطلبات فحسب، بل وقف دائمًا ضد هذه النظرة تجاه المرأة. فمنذ بداية ظهور الإسلام، تم تقديم المرأة في الرؤية الإسلامية كهديّة إلهية مخلوقة من نفس جوهر خلق الرجل،<ref>سورة النساء، الآية 1</ref> وجزء من نظام الخلق الأكمل،<ref>سورة التين، الآية 4</ref> وقد هنّأ الله تعالى نفسَه على خلقها.<ref>سورة المؤمنون، الآية 4</ref> كما تم الاعتراف باستقلال المرأة الفردي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي من خلال الأحكام النورانية للإسلام،<ref>سورة النساء، الآية 32</ref> وتم التأكيد على دورها المحوري في الأسرة وإنتاج وتربية الإنسان.<ref>سورة البقرة، الآية 223</ref> | ||
==== المرأة اليوم في الغرب ==== | ==== المرأة اليوم في الغرب ==== | ||
في العصر الحديث، اتخذت متطلبات الزمان والمكان فيما يخص المرأة منحى آخر، حيث تتجدد انتهاكات حقوقها بأشكال مستحدثة. مع تقدّم العلم والصناعة والتكنولوجيا في عصر التنوير، نشأ النظام الرأسمالي في الغرب. وتم التركيز على تعزيز أهداف الرأسمالية من خلال نمو وتوسيع المصانع والشركات والمزارع الصناعية والزراعية، وما إلى ذلك. وهذا يتطلب قوة عاملة كبيرة ورخيصة ومثابرة ومنتجة، وفي نفس الوقت مطيعة وقليلة المطالب لتحقيق أهداف الرأسمالية المتمثّلة في الهيمنة والثروة والشهوة. كانت أفضل طريقة لتحقيق هذا الهدف هي جذب النساء كنصف المجتمع البشري إلى نظام العمل والاقتصاد والصناعة. من خلال هذه الطريقة، واجه أصحابُ رؤوس الأموال وقادة النظام الرأسمالي تدفقاً هائلاً على العمالة، مما أدى تلقائياً إلى انخفاض أجور الخدمات والعمل. علاوة على ذلك، كانت النساء أقلّ تطلّبًا من الرجال وأقلّ إثارة للمشاكل لأصحاب الرأسمالية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون جذب القوى العاملة النسائية أداة مثيرة ومؤثرةّ ولا يمكن استبدالها في الحملات الدعائية وتوسيع نطاق الأسواق الاستهلاكية، والتي يمكن من خلالها تحقيق أهداف الرأسماليين باستخدام ثقافة العري والانحلال. | في العصر الحديث، اتخذت متطلبات الزمان والمكان فيما يخص المرأة منحى آخر، حيث تتجدد انتهاكات حقوقها بأشكال مستحدثة. مع تقدّم العلم والصناعة والتكنولوجيا في عصر التنوير، نشأ النظام الرأسمالي في الغرب. وتم التركيز على تعزيز أهداف الرأسمالية من خلال نمو وتوسيع المصانع والشركات والمزارع الصناعية والزراعية، وما إلى ذلك. وهذا يتطلب قوة عاملة كبيرة ورخيصة ومثابرة ومنتجة، وفي نفس الوقت مطيعة وقليلة المطالب لتحقيق أهداف الرأسمالية المتمثّلة في الهيمنة والثروة والشهوة. كانت أفضل طريقة لتحقيق هذا الهدف هي جذب النساء كنصف المجتمع البشري إلى نظام العمل والاقتصاد والصناعة. من خلال هذه الطريقة، واجه أصحابُ رؤوس الأموال وقادة النظام الرأسمالي تدفقاً هائلاً على العمالة، مما أدى تلقائياً إلى انخفاض أجور الخدمات والعمل. علاوة على ذلك، كانت النساء أقلّ تطلّبًا من الرجال وأقلّ إثارة للمشاكل لأصحاب الرأسمالية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون جذب القوى العاملة النسائية أداة مثيرة ومؤثرةّ ولا يمكن استبدالها في الحملات الدعائية وتوسيع نطاق الأسواق الاستهلاكية، والتي يمكن من خلالها تحقيق أهداف الرأسماليين باستخدام ثقافة العري والانحلال. | ||
تعارضت هذه الاستراتيجية مع الدور المحوري للمرأة في الأسرة كأمّ وزوجة، ومن ثمّ كان لا بدّ أولاً من تدمير القيم المتعلقة بمؤسسة الأسرة في أذهان الناس. تم تعزيز الأفكار النسوية ومطالبات المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة والاستقلال الكامل للمرأة عن الرجل في جميع الأمور كشعارات برّاقة مهّدت تدريجياً الطريق للحلول الشيطانية للفكرة الرأسمالية الغربية، وبذلك تمّ فصل المرأة عن مكانتها المقدسة كأمّ وزوجة في الأسرة -باعتبارها | تعارضت هذه الاستراتيجية مع الدور المحوري للمرأة في الأسرة كأمّ وزوجة، ومن ثمّ كان لا بدّ أولاً من تدمير القيم المتعلقة بمؤسسة الأسرة في أذهان الناس. تم تعزيز الأفكار النسوية ومطالبات المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة والاستقلال الكامل للمرأة عن الرجل في جميع الأمور كشعارات برّاقة مهّدت تدريجياً الطريق للحلول الشيطانية للفكرة الرأسمالية الغربية، وبذلك تمّ فصل المرأة عن مكانتها المقدسة كأمّ وزوجة في الأسرة -باعتبارها كيان تأسيسي- وتحويلها إلى أداة للرأسمالية لتحقيق القوة والشهرة والشهوة. | ||
إن خطر هذه المتطلبات التي يواجهها البشر في الزمان والمكان المعاصرين ليس بأيّ حال من الأحوال أقلّ من متطلبات الزمان والمكان في العصر الجاهلي في شبه الجزيرة العربية أو في العصور الوسطى وما بعدها في الغرب. الآثار المدمّرة والكارثية لهذه المطالب الزمانية والمكانية لم تؤثر فقط على شخصية المرأة، بل هدّدت التقدم المادي والمعنوي للبشرية جمعاء. بلا شك، فإنّ النظرة الإسلامية لهذه المتطلبات سلبية أيضًا، ولا تتكيف الأحكام الإسلامية | إن خطر هذه المتطلبات التي يواجهها البشر في الزمان والمكان المعاصرين ليس بأيّ حال من الأحوال أقلّ من متطلبات الزمان والمكان في العصر الجاهلي في شبه الجزيرة العربية أو في العصور الوسطى وما بعدها في الغرب. الآثار المدمّرة والكارثية لهذه المطالب الزمانية والمكانية لم تؤثر فقط على شخصية المرأة، بل هدّدت التقدم المادي والمعنوي للبشرية جمعاء. بلا شك، فإنّ النظرة الإسلامية لهذه المتطلبات سلبية أيضًا، ولا تتكيف الأحكام الإسلامية بأيّ حال من الأحوال مع هذه المطالب المشؤومة. | ||
== الاجتهاد الحيوي == | == الاجتهاد الحيوي == | ||
سطر ٤٢: | سطر ٤٤: | ||
يمكن للمجتهد، باستخدام الأدوات الأربعة (القرآن، السنة، العقل، الإجماع) وفي إطار الأصول والمباني الاستنباطية التي قدمها الأئمة المعصومون (ع) للفقيه، تحديد واستنباط الإرادة الإلهية بشأن حكم القضايا القديمة أو المستحدثة والجديدة. | يمكن للمجتهد، باستخدام الأدوات الأربعة (القرآن، السنة، العقل، الإجماع) وفي إطار الأصول والمباني الاستنباطية التي قدمها الأئمة المعصومون (ع) للفقيه، تحديد واستنباط الإرادة الإلهية بشأن حكم القضايا القديمة أو المستحدثة والجديدة. | ||
وبعبارة أخرى، يجب أن تصدر جميع الأحكام أو تغييرات الأحكام بالاستناد إلى المبادئ واللوائح التي حدّدها الأئمة المعصومون والقرآن، حتى لا يحلّ حرام الله أو يحرّم حلاله. ومن ناحية أخرى، فإنّ أحد مبادئ وأسس الأحكام الإلهية هو أنّ {{متن | وبعبارة أخرى، يجب أن تصدر جميع الأحكام أو تغييرات الأحكام بالاستناد إلى المبادئ واللوائح التي حدّدها الأئمة المعصومون والقرآن، حتى لا يحلّ حرام الله أو يحرّم حلاله. ومن ناحية أخرى، فإنّ أحد مبادئ وأسس الأحكام الإلهية هو أنّ {{متن عربي|حَلاَلُ مُحَمَّدٍ حَلاَلٌ أَبَداً إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ وَ حَرَامُهُ حَرَامٌ أَبَداً إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ}}. | ||
بالطبع، هذا لا يعني عدم وجود حيوية أو عدم إمكانية التغيير في الأحكام الإلهية؛ بل إنّ إمكانية التغيير في الأحكام الإلهية هي نفسها أحد الأحكام الإلهية التي يمكن تحقيقها وفقًا لمبادئ وقواعد معينة حدّدها الأئمة المعصومون (ع) والتعاليم القرآنية. وهذا يعني أنّ الأحكام الإلهية تتبع المصالح والمفاسد الحقيقية التي يجب على المجتهد استنباطها بالطريقة التي وفّرها له القرآن وأهل البيت. | بالطبع، هذا لا يعني عدم وجود حيوية أو عدم إمكانية التغيير في الأحكام الإلهية؛ بل إنّ إمكانية التغيير في الأحكام الإلهية هي نفسها أحد الأحكام الإلهية التي يمكن تحقيقها وفقًا لمبادئ وقواعد معينة حدّدها الأئمة المعصومون (ع) والتعاليم القرآنية. وهذا يعني أنّ الأحكام الإلهية تتبع المصالح والمفاسد الحقيقية التي يجب على المجتهد استنباطها بالطريقة التي وفّرها له القرآن وأهل البيت. | ||
سطر ٥٩: | سطر ٦١: | ||
4. '''التعارض:''' تعارض الأحكام هو نقطة أخرى تمهّد لتغيير الحكم وحيوية دين الإسلام. إنّ الأحكام الثابتة للإسلام تتعارض دائمًا مع بعضها البعض في العالم المادي، وهذه هي طبيعة هذا العالم. على سبيل المثال، [[رجم الزاني]] المحصن عند توفر جميع شروطه الكاملة هو أحد الأحكام الثابتة في الإسلام التي لها مصالح واسعة ومتعددة لا يمكن شرح حكمتها في هذا السؤال والجواب، ولكن في المقابل، فإن الحفاظ على هيبة واحترام دين الإسلام وعزة الإسلام والنظام الإسلامي هو أيضًا واجب لا تقلّ أهميته عن تنفيذ حكم الرجم. إذا رأى الفقيه في وقت ما، باستخدام الأصول والمباني المتاحة له ومع مراعاة المصالح والأهداف التي وضعها الله تعالى في تشريع الشريعة، أنّ تنفيذ حكم الرجم المهمّ يتعارض مع المصالح العليا للإسلام والنظام الإسلامي، فيمكنه أن يحكم مؤقتًا بعدم تنفيذ حكم الرجم. | 4. '''التعارض:''' تعارض الأحكام هو نقطة أخرى تمهّد لتغيير الحكم وحيوية دين الإسلام. إنّ الأحكام الثابتة للإسلام تتعارض دائمًا مع بعضها البعض في العالم المادي، وهذه هي طبيعة هذا العالم. على سبيل المثال، [[رجم الزاني]] المحصن عند توفر جميع شروطه الكاملة هو أحد الأحكام الثابتة في الإسلام التي لها مصالح واسعة ومتعددة لا يمكن شرح حكمتها في هذا السؤال والجواب، ولكن في المقابل، فإن الحفاظ على هيبة واحترام دين الإسلام وعزة الإسلام والنظام الإسلامي هو أيضًا واجب لا تقلّ أهميته عن تنفيذ حكم الرجم. إذا رأى الفقيه في وقت ما، باستخدام الأصول والمباني المتاحة له ومع مراعاة المصالح والأهداف التي وضعها الله تعالى في تشريع الشريعة، أنّ تنفيذ حكم الرجم المهمّ يتعارض مع المصالح العليا للإسلام والنظام الإسلامي، فيمكنه أن يحكم مؤقتًا بعدم تنفيذ حكم الرجم. | ||
5. '''الأحكام الملزمة وغير الملزمة:''' تنقسم الأحكام التكليفية في الإسلام إلى قسمين: الأحكام الملزمة (الوجوب والتحريم) والأحكام غير الملزمة (الاستحباب، الكراهة، والإباحة)؛ ولكن | 5. '''الأحكام الملزمة وغير الملزمة:''' تنقسم الأحكام التكليفية في الإسلام إلى قسمين: الأحكام الملزمة (الوجوب والتحريم) والأحكام غير الملزمة (الاستحباب، الكراهة، والإباحة)؛ ولكن الوليّ الفقيه له صلاحية، في نطاق الأحكام غير الملزمة، أن يصدر حكمًا ملزمًا بناءً على المصالح التي يراها. | ||
على سبيل المثال، عقد التأمين من الناحية الشرعية هو حكم غير ملزم، ولكن يمكن لحاكم النظام السياسي ([[الولي الفقيه|الوليّ الفقيه]]) أن يقرّر، من أجل الحفاظ على المصالح الاجتماعية، أنّ التأمين ضدّ الغير للسيارات ضروري وإلزامي. أو أنّ على الرغم من أنّ دية المرأة في الإسلام، بسبب حِكم متعددة، هي نصف دية الرجل، إلا أنّه يمكن في حالة التأمين ضدّ الغير، وهو عقد ثنائي بين المؤمِّن والمؤمَّن له، أن يتساوى تعويض المرأة والرجل. | على سبيل المثال، عقد التأمين من الناحية الشرعية هو حكم غير ملزم، ولكن يمكن لحاكم النظام السياسي ([[الولي الفقيه|الوليّ الفقيه]]) أن يقرّر، من أجل الحفاظ على المصالح الاجتماعية، أنّ التأمين ضدّ الغير للسيارات ضروري وإلزامي. أو أنّ على الرغم من أنّ دية المرأة في الإسلام، بسبب حِكم متعددة، هي نصف دية الرجل، إلا أنّه يمكن في حالة التأمين ضدّ الغير، وهو عقد ثنائي بين المؤمِّن والمؤمَّن له، أن يتساوى تعويض المرأة والرجل. | ||
سطر ٦٦: | سطر ٦٨: | ||
7. '''الأحكام التقريرية إلى جانب الأحكام التأسيسية:''' على الرغم من أن العديد من الأحكام الإسلامية قد حدّدها الشارع المقدس، إلا أنّه إلى جانب ذلك، تمت الموافقة على العديد من الأحكام واللوائح الاجتماعية والسياسية وما إلى ذلك من قِبل دين الإسلام، مما يمكن أن يكون مصدرًا لحيوية ومرونة أحكام الإسلام. على سبيل المثال، من وجهة نظر الإسلام، يحقّ للرجل اختيار المسكن والعمل و<nowiki/>[[الطلاق]] فيما يتعلق بالزوجة، ولكن من خلال العقد والشرط في العقد، يمكن نقل كلّ هذه الأمور إلى المرأة. | 7. '''الأحكام التقريرية إلى جانب الأحكام التأسيسية:''' على الرغم من أن العديد من الأحكام الإسلامية قد حدّدها الشارع المقدس، إلا أنّه إلى جانب ذلك، تمت الموافقة على العديد من الأحكام واللوائح الاجتماعية والسياسية وما إلى ذلك من قِبل دين الإسلام، مما يمكن أن يكون مصدرًا لحيوية ومرونة أحكام الإسلام. على سبيل المثال، من وجهة نظر الإسلام، يحقّ للرجل اختيار المسكن والعمل و<nowiki/>[[الطلاق]] فيما يتعلق بالزوجة، ولكن من خلال العقد والشرط في العقد، يمكن نقل كلّ هذه الأمور إلى المرأة. | ||
== المصادر== | |||
{{پانویس|۲}} | |||
{{شاخه | |||
| شاخه اصلی = حقوق | |||
| شاخه فرعی۱ = نظام حقوقی اسلام | |||
| شاخه فرعی۲ = | |||
| شاخه فرعی۳ = | |||
}} | |||
{{پایان متن}} | |||
[[es:Adaptación de las leyes islámicas a las exigencias y requisitos del tiempo y el lugar]] |
تعديل