حديث «لا يستطيع الشيطان أن يتشبّه بالنبي (ص)»
هناك في النصوص الدينية رواية معتبرة تفيد بأن الشيطان لا يستطيع أن يظهر في منام الإنسان على هيئة النبي الأكرم (ص). هذه الرواية منقولة عن الإمام الرضا (ع) وبسنده عن النبي (ص). وفقًا لهذه الرواية، فإنّ الشيطان لا يملك القدرة حتى في عالم المنام على التشبه بالنبي (ص) أو خلفائه، أو شيعتهم المخلصين.
المقصود بالشيعة في هذا الحديث هم الذين يتبعون أهل البيت (ع) بإخلاص ويتّبعون جميع تعاليمهم بدقة واهتمام.
وفقًا لهذه الرواية، إذا رأى شخصٌ في منامه فردًا وتيقّن بأنّه النبي (ص) أو أحد الأئمة المعصومين (ع)، فإنه لم يخطئ في تمييزه، بل إنّه قد رأى النبي (ص) أو أحد الأئمة (ع) حقًا. ومع ذلك، يجب التأكيد على أنّ رؤية النبي (ص) أو الأئمة (ع) في المنام أمر شخصي، ولا يعتبر حجّة إلا للشخص الذي رأى المنام، ولا يعتبر دليلًا للآخرين.
نص الحديث
« | أَنَّهُ قَالَ لَهُ [علي بن موسي(ع)] رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ يَا ابْنَ رَسُولِ اَللَّهِ رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّي اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي اَلْمَنَامِ كَأَنَّهُ يَقُولُ لِي كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا دُفِنَ فِي أَرْضِكُمْ بَضْعَتِي وَ اُسْتُحْفِظْتُمْ وَدِيعَتِي وَ غُيِّبَ فِي ثَرَاكُمْ نَجْمِي فَقَالَ لَهُ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَا اَلْمَدْفُونُ فِي أَرْضِكُمْ وَ أَنَا بَضْعَةُ نَبِيِّكُمْ فَأَنَا اَلْوَدِيعَةُ وَ اَلنَّجْمُ … لَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّي اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ مَنْ زَارَنِي [یادداشت ١] فِي مَنَامِهِ فَقَدْ زَارَنِي لِأَنَّ اَلشَّيْطَانَ لاَ يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي وَ لاَ فِي صُورَةِ أَحَدٍ مِنْ أَوْصِيَائِي وَ لاَ فِي صُورَةِ أَحَدٍ مِنْ شِيعَتِهِمْ وَ إِنَّ اَلرُّؤْيَا اَلصَّادِقَةَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنَ اَلنُّبُوَّةِ.[١] | » |
سند الرواية
الرواية التي تفيد بأن الشيطان لا يستطيع أن يتشبّه بالنبي (ص) وخلفائه في منام الإنسان، رواها الشيخ الصدوق في كتاب عيون أخبار الرضا (ع)،[٢] كما ذكرها أيضًا في كتاب من لا يحضره الفقيه.[٣]
تحليل رواة الحديث وفقًا لعلم الرجال:
- محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني: بعض المحققين استدلوا بكثرة روايات الشيخ الصدوق عنه على عظم شأنه. وقد اعتبره العلامة المجلسي من مشايخ[یادداشت ٢] الشيخ الصدوق.[٤]
- أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي مولى بني هاشم: وُصف بأنّه زيدي المذهب، ثقة.[٥] [٦]
- علي بن حسن بن علي بن فضال: ثقة.[٧] وقد نقل الكشي، من علماء الرجال الشيعة، عن بعض أنّهم اعتبروه فطحي المذهب.[٨]
- حسن بن علي بن فضال التيمي: ثقة.[٩]
فجميع الرواة في سلسلة السند من الثقات، ولكن بعضهم ليسوا من الشيعة الاثني عشرية، ولذلك يُعتبر هذا الحديث موثّقًا.[١٠]
محتوى الرواية
وفقًا للرواية المنقولة عن الإمام الرضا (ع) وبسنده عن النبي (ص)، فإنّ الشيطان لا يستطيع، حتى في المنام، أن يتشبّه بالنبي (ص) أو خلفائه أو شيعتهم. وقد فسّر العلامة المجلسي المقصود بالشيعة في هذا الحديث بأنّهم الأفراد المخلصون الذين يتّبعون أهل البيت (ع) حقًا ويتبعون جميع تعاليمهم.[١١]
وفي حالة توفّر جميع الشروط، فإنّ رؤية النبي (ص) أو الأئمة (ع) في المنام أمر شخصي، ولا يعتبر حجّة إلا للشخص الذي رأى المنام، ولا يعتبر دليلًا للآخرين.
يرى بعض المفكّرين المعاصرين أنّ المقصود بهذه الرواية هو الشخص الذي رأى النبي (ص) في اليقظة وعرفه، أما من لم يره في اليقظة فلا يمكنه الادّعاء بأنّه رآه في المنام.[١٢] وقد تم نقد هذا الرأي؛ لأنّه في بداية الرواية وقبل ذكر كلام النبي (ص) من قبل الإمام الرضا (ع)، كان السائل الذي عاش في زمن الإمام الرضا (ع) يسأل عن رؤيته للنبي (ص) في المنام. وهذا الشخص لم ير النبي (ص) في اليقظة بسبب الفترة الزمنية التي تفصله عن صدر الإسلام، ومع ذلك فقد أكّد الإمام الرضا (ع) له أنّ الشيطان لا يستطيع التشبّه بالنبي (ص).
وقد ورد مضمون هذه الرواية في كتب أهل السنة، حيث نقلوا أن رسول الله (ص) قال: "من رآني في المنام فقد رآني حقًا، لأنّ الشيطان لا يستطيع أن يتشبّه بي."[١٣] [١٤] [١٥]
المصادر
- ↑ الشيخ الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا (ع)، طهران، جهان، بدون تاريخ، ج2، ص257.
- ↑ الشيخ الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا (ع)، طهران، جهان، بدون تاريخ، ج2، ص257.
- ↑ ابن بابويه، محمّد، من لا يحضره الفقيه، قم، مكتب النشر الإسلامي، الطبعة 2، 1413 هـ، ج2، ص584.
- ↑ نمازي الشاهرودي، علي، مستدركات علم رجال الحديث، طهران، 1414هـ، ج6، ص359.
- ↑ النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي، تحقيق: موسى شبيري الزنجاني، قم، جماعة المدرسين في الحوزة العلمية بقم، 1365ش، ص94.
- ↑ الطوسي، محمد بن الحسن، فهرست الطوسي (فهرست كتب الشيعة وأصولهم وأسماء المصنفين وأصحاب الأصول)، تحقيق: عبدالعزيز الطباطبائي، قم، 1420هـ، ص69.
- ↑ النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي، تحقيق: موسى شبيري الزنجاني، قم، جماعة المدرسين في الحوزة العلمية بقم، 1365ش، ص257.
- ↑ الكشي، محمد بن عمر، اختيار معرفة الرجال، تلخيص: محمد بن الحسن الطوسي، تصحيح: محمد باقر مير داماد، تحقيق: مهدي رجايي، قم، مؤسسة آل البيت(ع)، لإحياء التراث، 1404هـ، ص635.
- ↑ الكشي، محمد بن عمر، اختيار معرفة الرجال، تلخيص: محمد بن الحسن الطوسي، تصحيح: محمد باقر مير داماد، تحقيق: مهدي رجايي، قم، مؤسسة آل البيت(ع)، لإحياء التراث، 1404هـ، ص635.
- ↑ المجلسي، محمّد تقي، روضه المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه، قم، كوشانپور، الطبعة 2، 1406 هـ، ج5، ص397.
- ↑ المجلسى، محمد باقر بن محمد تقى، بحار الأنوار، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة 2، 1403هـ، ج58، ص234.
- ↑ فياضي، غلامرضا، درآمدي بر معرفتشناسي، قم، موسّسه آموزشي وپژوهشي امام خميني، الطبعة 1، 1386ش، ص137.
- ↑ ابن حنبل، أحمد بن محمد، مسند الإمام أحمد بن حنبل، بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة 1، 1416هـ، ج6، ص24. ص347. ج7، ص249.
- ↑ الدارمى، عبد الله بن عبد الرحمن، مسند الدارمي المعروف بـ (سنن الدارمي)، رياض، دار المغني، الطبعة 1، 1421هـ، ج2، ص1359.
- ↑ البخارى، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، مصر - القاهره، وزارة الاوقاف، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، لجنة إحياء كتب السنة، الطبعة 2، 1410هـ، ج1، ص95.