جهود الإمام علي (ع) لاسترداد الخلافة

From ويكي باسخ
  1. تغییر_مسیر الگو:پاسخ
سؤال

إن عدم اهتمام الإمام علي (ع) بالخلافة التي أوصى بها النبي (ص) إليه، ألم يكن تقصيراً في أداء الواجب؟ وفي حالة العجز لماذا لم يعتذر؟

كان السلوك السياسي للإمام علي (ع) في عهد الخلفاء الثلاثة نابعاً من حرصه على وحدة المسلمين، ومنع تزلزل عقيدتهم. ومع ذلك، فقد بذل أمير المؤمنين (ع) جهوداً في جوانب مختلفة لاسترداد الخلافة. ومن الأمور التي يمكن ذكرها في اعتراض الإمام، هي تقديم أدلة أفضليته مثل: وصية ونص رسول الله (ص)، التي تدلّ على لياقته الفريدة لمنصب الخلافة، وعلاقاته القريبة النَسَبية والروحية من رسول الله (ص)، وانتقاد أداء الخلفاء، كما أن امتناعه عن البيعة الطوعية لأبي بكر، ومحاولته القيام ضد الخليفة، تُعدّ من الأمور التي يمكن ذكرها في الجانب العملي لنشاط الإمام لاسترداد أمر الخلافة بعد النبي (ص).

السلوك السياسي للإمام علي بعد النبي (ص)

يدلّ السلوك السياسي للإمام علي (ع) في الفترة الصعبة والشاقة من حكم الخلفاء الذي استمر ٢٥ عاماً، على حكمته وتقواه الإلهية في كل المواقف. وعلى الرغم من أنّ بعض معارضي الإسلام، ومنهم أبو سفيان، سعوا للاستفادة من الظروف القائمة للانتقام من الإسلام والمسلمين، إلا أن الإمام رفض مساعيهم.[١] فاختار الإمام طريق الصمت، بل والمداراة مع الخلفاء من أجل الحفاظ على وحدة المسلمين والمنع من زعزعة العقيدة في من كان حديث العهد بالإسلام، حتى ظُنّ أن الإمام (ع) راضٍ عن أفعالهم.[٢] لم يكن صمت الإمام نابعاً من الخوف أو طلب العافية، بل لأنّ القيام والشهادة في تلك الظروف الخاصة كان سيضرّ بالإسلام فقط. يقول الإمام دفاعاً عن نهجه الحكيم:

فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين و سفك دمائهم و الناس حديثو عهد بالإسلام و الدين يمخض مخض الوطب يفسده أدنى وهن و يعكسه أقل خلف.[٣]

أساليب اعتراض الإمام علي (ع)

لم تمنع سياسة الصمت ومداراة الإمام من إظهار اعتراضه بطرق مختلفة. وفيما يلي بعض أساليب الإمام في هذا النضال:

بيان أدلة أفضليته

بعد أن بايع البعض أبا بكر في سقيفة بني ساعدة، وبعد إتمام البيعة العامة مع الناس، قام الإمام (ع) ببيان حقه الصريح في الخلافة وانتقد بيعتهم[٤]، وعدّد فضائله في أحقيته بالخلافة.[٥] وقد استُدل في نهج البلاغة، على أولوية الإمام بالخلافة بثلاثة أصول: الأول وصية ونص رسول الله (في الخطبة رقم ٢)، والثاني أهلية علي (ع) وأن ثوب الخلافة لا يليق إلا به (في الخطبة رقم ٣ المعروفة بالشقشقية)، والثالث علاقاته القريبة النسبية والروحية من رسول الله (ص) (في الخطبة ١٩٥).[٦]

الامتناع عن البيعة

امتنع الإمام (ع) عن مبايعة أبي بكر بالخلافة، بعدما كشف عن عدم أهليته لها؛ وفي رده على عمر الذي هدده بالبيعة، قال: " احلب حلبا لك شطره، واشدد له اليوم أمره يردده عليك غدا".[٧]

يعتقد معظم المفكرين أن بيعة الإمام الإجبارية لأبي بكر كانت بعد استشهاد السيدة فاطمة (ع)، أي بعد حوالي ستة أشهر من خلافته.[٨] وفي رده على رسالة من معاوية، يبين فيها الإمام كيفية بيعته القسرية:

«وَقُلْتَ: إِنِّي كُنْتُ أُقَادُ كَمَا يُقَادُ الْجَمَلُ الَْمخْشُوشُ حَتَّى أُبَايِعَ. وَلَعَمْرُ اللهِ لَقَدْ أَرَدْتَ أَنْ تَذُمَّ فَمَدَحْتَ، وَأَنْ تَفْضَحَ فَافْتَضَحْتَ! وَمَا عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْ غَضَاضَة فِي أَنْ يَكُونَ مَظْلُوماً مَا لَمْ يَكُنْ شَاكّاً فِي دِينِهِ، وَلاَ مُرْتَاباً بِيَقِينِهِ![٩]

انتقاد أداء الخلفاء

كانت بعض انتقادات الإمام للخلفاء عامة وبعضها الآخر محدّدة. يتلخص النقد المحدد لأبي بكر في جملتين: الأولى أنه ارتدى ثوب الخلافة رغم أهلية الإمام؛ والثانية لماذا مهّد لخلافة عمر في حين أنه لم يكن يرى نفسه أهلاً للخلافة.[١٠] وفي موضع آخر من نفس الخطبة، ينتقد خصلتين أخلاقيتين لعمر: الأولى خشونته وتشدده، والثانية أخطاؤه وطلبه للعذر.[١١] وفيما يتعلق بعثمان، ذكره في كلامه ستة عشر مرة، معظمها يتعلق بحادثة مقتله.

الإجراء العملي لاسترداد الخلافة

لإعادة الخلافة إلى مسارها الصحيح وإحقاق حقه، استفاد الإمام من شخصية السيدة فاطمة (ع) العظيمة، فذهب ليلاً إلى منازل المهاجرين والأنصار، وبعد كسب تأييدهم، طلب منهم حلق رؤوسهم علامة على البيعة والتضحية، وإظهار استعدادهم لذلك بمجيئهم إليه في وقت السحر، لكن لم يفِ بعهده إلا عدد قليل.[١٢]

المصادر

  1. انظر: مفيد، الإرشاد، مؤسسة آل البيت (ع)، دار إحياء التراث، 1413 هـ، ج 1، ص 190؛ بلاذري، أنساب الأشراف، بيروت، دار الفكر، 1417 هـ، ج 2، ص 271.
  2. لبيب بيضون، تصنيف نهج البلاغة، مركز النشر، مكتب الإعلام الإسلامي، ط 2، 1408، ج 1، ص 325.
  3. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 2، 1385 هـ، ج 1، ص 308.
  4. مسعودي، مروج الذهب، بيروت، دار المعرفة، 1403، ج 2، ص 307.
  5. ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، قم، انتشارات شريف الرضي، 1371ش، ج 1، ص 29.
  6. انظر: مطهري، مرتضى، سيري در نهج البلاغة، صدرا، ص 146.
  7. ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، قم، انتشارات شريف الرضي، 1371ش، ج 1، ص 29.
  8. ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، قم، انتشارات شريف الرضي، 1371ش، ج 1، ص 31–32؛ مسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 308–309؛ ابن أثير، الكامل في التاريخ، ط 2، ص 10 و14.
  9. نهج البلاغة، رسالة 28.
  10. نهج البلاغة، الخطبة الثالثة، المعروفة بشقشقية.
  11. نهج البلاغة، الخطبة الثالثة، المعروفة بشقشقية.
  12. انظر: كتاب سليم بن قيس الهلالي، تحقيق: موسوي، مؤسسة البعثة، 1407 هـ؛ وذُكرت هذه الواقعة مع اختلاف بسيط في تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 11؛ وابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 12.