الإمام علي فوق أنبياء الله


    سؤال

    لماذا يعتقد الشيعة أن عليّاً (ع) أفضل من جميع الأنبياء باستثناء رسول الله (ص)؟


    يستند اعتقاد الشيعة بأفضلية الإمام علي (ع) على جميع الأنبياء إلى أدلة وشواهد عديدة، سنشير هنا إلى بعضها بإجمال. من بين هذه الأدلة، حادثة المباهلة، والتي يتفق المفسّرون على أنّ مرافقي رسول الله (ص) فيها كانوا السيدة فاطمة الزهراء (س)، والحسنين (ع)، والإمام عليّ (ع). وبالتالي، فإنّ تعبيرات "نسائنا"، و"ابنائنا"، و"أنفسنا" التي ذكرها رسول الله (ص) في الآية تشير إلى هؤلاء الأربعة. دليل آخر هو ما ذكره النبي الأكرم (ص) في فضائل أمير المؤمنين (ع) حيث قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى موسى في مناجاته، وإلى عيسى في سمته، وإلى محمد في تمامه وكماله وجماله، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب. بالإضافة إلى ذلك، يُستشهد بحديث الطير الذي يصف أمير المؤمنين (ع) بأنه أحبّ الخلائق إلى الله. وبالتالي، وبالنظر إلى أنّ رسول الله (ص) هو أفضل الأنبياء عند الشيعة والسنة على حد سواء، فإنّ أمير المؤمنين (ع) يعتبر أفضل من جميع الأنبياء باستثناء رسول الله (ص).

    عليّ (ع) بمثابة نَفْس رسول الله (ص)

    في حادثة المباهلة التي حدثت بين رسول الله (ص) ونصارى نجران، قال الله تعالى لرسوله: ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ[١] يتفق المفسرون[٢] على أن مرافقي رسول الله (ص) في هذه الحادثة كانوا فاطمة الزهراء (س) التي تمثّل تعبير "نسائنا"، والحسن والحسين (ع) اللذين يمثّلان تعبير "أبنائنا"، وعليّ (ع) الذي يمثّل بالتأكيد تعبير "أنفسنا". وهذا لأنّ "أنفسنا" لا يمكن أن تشير إلى "أبنائنا" أو "نسائنا"، ولأنّ الإنسان لا يدعو نفسه، وإنّ رسول الله لم يدعُ نفسه بل دعا غيره. وبالتالي، فإنّ "أنفسنا" تشير إلى غير رسول الله (ص)، وهو عليّ (ع). وهذا يوضح أن عليّاً (ع) بلغ من الكمال والفضائل درجة أنّه يعتبر بمثابة نَفْس رسول الله (ص). ومن المسلّم به بين الشيعة والسنة أنّ رسول الله (ص) هو أفضل الأنبياء.[٣]

    ولذلك، فإنّ عليّاً (ع) أفضل من جميع الأنبياء باستثناء نبيّ الإسلام، لأنّ الفارق بين درجات رسول الله (ص) والأنبياء السابقين كبير جداً، بينما الفارق بين الإمام عليّ (ع) ورسول الله (ص) غير كبير بناءً على قرينة "أنفسنا".

    جميع فضائل وكمالات الأنبياء في عليّ (ع)

    وفقاً لحديث نبوي صحيح رواه كل من الشيعة والسنة، قال رسول الله (ص) في أحد المجالس مع أصحابه: "من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى موسى في مناجاته، وإلى عيسى في سمته، وإلى محمد في تمامه وكماله وجماله، فلينظر إلى هذا الرجل المقبل"، مشيراً بذلك إلى عليّ (ع) الذي كان يقبل نحوهم.[٤]

    وفقاً لهذه الروايات التي نقلها عدة رواة بصيغ مختلفة، فإنّ جميع الكمالات والفضائل البارزة للأنبياء موجودة في وجود الإمام عليّ (ع)، ما عدا النبوة والرسالة. وبالتالي، فإنّ عليّاً (ع) أفضل من جميع الأنبياء باستثناء رسول الله (ص).

    حديث الطير

    روى أنس بن مالك، وسعد بن أبي وقاص، وأبو رافع، وابن عباس، وأبو عبدالله البصري أنّ رسول الله (ص) كان يومًا في منزله يريد أن يتناول لحم طائر أهداه له أحد أصحابه. رفع رسول الله (ص) يديه للدعاء، وقال: "اللهم ائتني بأحبّ خلقك اليك يأكل معي من هذا الطائر". وفي تلك اللحظة دخل الإمام عليّ (ع) المنزل وتناول الطعام مع رسول الله (ص).[٥]

    يستفاد من هذه الرواية أن عليّاً (ع) هو أحبّ الخلائق إلى الله، لأنّ كلام رسول الله (ص) لم يقيّد بزمن أو مجموعة معيّنة. ومن الواضح أن أحبّ الخلائق إلى الله هو أفضلها. وبالتالي، فإنّ عليّاً (ع) بناءً على إطلاق بيان رسول الله (ص) هو أفضل من جميع الأنبياء.

    المصادر

    1. سورة آل عمران، الآية 61.
    2. فرائد السمطين، ج1، ص377–378، الحديث 307؛ أبو حيان الأندلسي، تفسير البحر المحيط، طبعة دار الفكر، ج2، ص479؛ الآلوسي البغدادي، روح المعاني، ج3، ص187–190، طبعة دار إحياء التراث العربي؛ شواهد التنزيل، مؤسسة الطباعة والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي؛ ابن الجوزي، زاد المسير، نشر دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع؛ تفسير القرطبي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، تفسير ابن كثير، نشر دار المعرفة، بيروت؛ الغدير، ج1، ص393، برقم 5.
    3. الدر المنثور للسيوطي، ج2، جزء 4، ص69، الكشاف للزمخشري، بيروت؛ دار الفكر، ج4، ص106؛ رشيد رضا، تفسير المنار، ج7، ص583؛ الطبرسي، مجمع البيان، ج1، ص198، بيروت؛ مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، مسند أحمد بن حنبل، ج3، ص178، إمامي الطوسي، بيروت، نشر دار صادر، ص56؛ الطباطبائي، تفسير الميزان، نشر جمعية المدرسين، ج2، ص311.
    4. راجع: الأميني، الغدير، حيث قام ببحث شامل في الجانب السندي والدلالي لهذه الرواية؛ الغدير، بيروت، دار الكتاب العربي، وراجع: شرح نهج البلاغة، ج9، ص168، ابن أبي الحديد المعتزلي، شرح المواقف، قم، مكتبة آية الله المرعشي، ج8، ص369؛ شرح المقاصد، ص299، ج5.
    5. كتاب الجامع الصحيح سنن الترمذي، بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، طبعة2، 1403، ج5، ص300؛ تاريخ ابن عساكر، ترجمة الامام علي، ج2، ص158، ص110 من رقم 642 حتى 613؛ فرائد السمطين، ج1، ص215 - 209، رقم 165 و166 و167؛ الجويني الشافعي، فرائد السمطين، تحقيق: الشيخ محمد باقر المحمودي، طبعة1، بيروت، مؤسسة المحمودي للطباعة والنشر، الحاكم النيشابوري، مستدرك الحاكم، بيروت، دار المعرفة، ج3، ص130، فضائل الصحابة، ج2، ص956، ص450، ابن الأثير، جامع الأصول، ج9، ص471؛ مصابيح السنة، ج4، ص173، حلية الأولياء، ج6، ص339.

    رده:فضائل امام علی(ع)رده:امامت خاصه

    قالب:تکمیل مقاله


    رده:امام علی(ع)