الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مستخدم:Translation/ملعب1»
Translation (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
Translation (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
||
سطر ١٥: | سطر ١٥: | ||
تمثّل اهتمام البروجردي بقضية الوحدة الإسلامية في دعمه لدار التقريب بين المذاهب الإسلامية وإقامة علاقات ودية مع مفتي مصر ورؤساء جامعة الأزهر - الشيخ عبد المجيد سليم و<nowiki/>[[الشيخ محمود شلتوت]] - مما أدى في النهاية إلى الفتوى التاريخية لشلتوت في 7 ربيع الأول 1378 هـ، والتي أجازت فيها اتباع المذهب الجعفري. | تمثّل اهتمام البروجردي بقضية الوحدة الإسلامية في دعمه لدار التقريب بين المذاهب الإسلامية وإقامة علاقات ودية مع مفتي مصر ورؤساء جامعة الأزهر - الشيخ عبد المجيد سليم و<nowiki/>[[الشيخ محمود شلتوت]] - مما أدى في النهاية إلى الفتوى التاريخية لشلتوت في 7 ربيع الأول 1378 هـ، والتي أجازت فيها اتباع المذهب الجعفري. | ||
[[ملف:بروجردی آیت الله.jpg|250px|تصغير|تُعتبر أفكار آية الله البروجردي التقريبية من أبرز ملامح فترة مرجعيته.]] | [[ملف:بروجردی آیت الله.jpg|250px|تصغير|تُعتبر أفكار آية الله البروجردي التقريبية من أبرز ملامح فترة مرجعيته.]] | ||
==سيرته== | |||
السيد حسين الطباطبائي الالبروجردي (1254-1340 هـ ش)، كان فقيهًا مشهورًا ومن مراجع الإمامية البارزين. وُلد في عائلة روحانية ميسورة الحال في بروجرد، وكان أسلافه من سادات الطباطبائي في أصفهان، الذين ينسبون إلى إسماعيل الديباج. والده السيد علي الطباطبائي، كان من علماء المدينة، وأمه السيدة آغا بيگم، ابنة السيد محمد علي الطباطبائي. ينتهي نسب الالبروجردي باثنين وثلاثين واسطة إلى الإمام الحسن (ع). كان زعيم الحوزة العلمية في قم لمدة سبعة عشر عامًا، ومرجعًا عامًا للشيعة في العالم لمدة خمسة عشر عامًا. كان آية الله البروجردي من تلامذة الآخوند الخراساني، وبعد عودته من النجف استقر في بروجرد. بعد عدة سنوات من وفاة عبد الكريم الحائري اليزدي، استجاب لدعوة المراجع الثلاثة (الحجة، الخوانساري، الصدر) وانتقل إلى قم وتولى رئاسة الحوزة العلمية فيها. بعد وفاة السيد أبو الحسن الأصفهاني، أصبح الالبروجردي أهم مرجع للشيعة، وفي عقد 1330 هـ ش كان يُعتبر المرجع العام للشيعة. في عهده، توسعت الحوزة العلمية في قم وازداد عدد الطلاب بشكل غير مسبوق. بدعمه، تم إحياء ونشر العديد من الأعمال الحديثية والفقهية. كما تم تدوين المجموعة الكبيرة "جامع أحاديث الشيعة" تحت إشرافه. | السيد حسين الطباطبائي الالبروجردي (1254-1340 هـ ش)، كان فقيهًا مشهورًا ومن مراجع الإمامية البارزين. وُلد في عائلة روحانية ميسورة الحال في بروجرد، وكان أسلافه من سادات الطباطبائي في أصفهان، الذين ينسبون إلى إسماعيل الديباج. والده السيد علي الطباطبائي، كان من علماء المدينة، وأمه السيدة آغا بيگم، ابنة السيد محمد علي الطباطبائي. ينتهي نسب الالبروجردي باثنين وثلاثين واسطة إلى الإمام الحسن (ع). كان زعيم الحوزة العلمية في قم لمدة سبعة عشر عامًا، ومرجعًا عامًا للشيعة في العالم لمدة خمسة عشر عامًا. كان آية الله البروجردي من تلامذة الآخوند الخراساني، وبعد عودته من النجف استقر في بروجرد. بعد عدة سنوات من وفاة عبد الكريم الحائري اليزدي، استجاب لدعوة المراجع الثلاثة (الحجة، الخوانساري، الصدر) وانتقل إلى قم وتولى رئاسة الحوزة العلمية فيها. بعد وفاة السيد أبو الحسن الأصفهاني، أصبح الالبروجردي أهم مرجع للشيعة، وفي عقد 1330 هـ ش كان يُعتبر المرجع العام للشيعة. في عهده، توسعت الحوزة العلمية في قم وازداد عدد الطلاب بشكل غير مسبوق. بدعمه، تم إحياء ونشر العديد من الأعمال الحديثية والفقهية. كما تم تدوين المجموعة الكبيرة "جامع أحاديث الشيعة" تحت إشرافه. | ||
==الفقه المقارن== | |||
كان آية الله البروجردي يولى أهمية كبيرة للفقه المقارن في المسائل الخلافية. كان يعتقد أن المسائل الفقهية يجب أن تُناقش ليس فقط على مستوى المذهب الإمامي، بل على مستوى جميع المذاهب الفقهية الإسلامية، مع الأخذ بعين الاعتبار أدلة جميع المذاهب. ومن هذا المنطلق، قام بطباعة كتاب "مسائل الخلاف" للشيخ الطوسي. كان الالبروجردي يعتقد أن "فقه الشيعة في هامش فقه أهل السنة". وأكد على أن يتم كتابة روايات أهل السنة تحت كل باب في كتاب "جامع الأحاديث الفقهية"، وإن كان قد تراجع عن ذلك لاحقًا بسبب ردود الفعل المعارضة. | كان آية الله البروجردي يولى أهمية كبيرة للفقه المقارن في المسائل الخلافية. كان يعتقد أن المسائل الفقهية يجب أن تُناقش ليس فقط على مستوى المذهب الإمامي، بل على مستوى جميع المذاهب الفقهية الإسلامية، مع الأخذ بعين الاعتبار أدلة جميع المذاهب. ومن هذا المنطلق، قام بطباعة كتاب "مسائل الخلاف" للشيخ الطوسي. كان الالبروجردي يعتقد أن "فقه الشيعة في هامش فقه أهل السنة". وأكد على أن يتم كتابة روايات أهل السنة تحت كل باب في كتاب "جامع الأحاديث الفقهية"، وإن كان قد تراجع عن ذلك لاحقًا بسبب ردود الفعل المعارضة. | ||
كانت الأساليب الجديدة والاستراتيجية التي اتبعها آية الله البروجردي في استنباط الأحكام قد فتحت المجال لأبحاث واسعة في فقه أهل السنة، وأقر بأنه بمعرفة محتوى الروايات والفتاوى السائدة لدى أهل السنة في عصر الأئمة المعصومين (ع)، يمكن فهم محتوى الأحاديث ومقاصد أقوال الأئمة بشكل أفضل وأسهل. لم يكن الالبروجردي ينظر إلى آراء أهل السنة بنظرة سلبية؛ بل كان يسعى لفهم أدلتهم وتحليل الموضوع بشكل صحيح. | كانت الأساليب الجديدة والاستراتيجية التي اتبعها آية الله البروجردي في استنباط الأحكام قد فتحت المجال لأبحاث واسعة في فقه أهل السنة، وأقر بأنه بمعرفة محتوى الروايات والفتاوى السائدة لدى أهل السنة في عصر الأئمة المعصومين (ع)، يمكن فهم محتوى الأحاديث ومقاصد أقوال الأئمة بشكل أفضل وأسهل. لم يكن الالبروجردي ينظر إلى آراء أهل السنة بنظرة سلبية؛ بل كان يسعى لفهم أدلتهم وتحليل الموضوع بشكل صحيح. | ||
أهدى آية الله البروجردي كتاب "المبسوط" للشيخ الطوسي إلى الشيخ عبد المجيد سليم من شيوخ الأزهر. كان الالبروجردي حريصًا على أن يتعرف فقهاء الشيعة على روايات وأسس فقه أهل السنة، وفي المقابل، أن يطلع أهل السنة على روايات وفقه الشيعة. نجح في هذين الأمرين، حيث تعرف العديد من أعضاء دار التقريب على فقه الشيعة، حتى أن بعض كبار جامعة الأزهر في مصر مثل عبد المجيد سليم والشيخ محمود شلتوت أصدروا فتاوى تجيز العمل وفق الفقه الشيعي الإمامي، أو أفتوا في بعض المسائل مثل شرط شهادة عدلين في الطلاق، متوافقين مع رأي الشيعة، وهو ما تم تسجيله في القانون المدني المصري. | أهدى آية الله البروجردي كتاب "المبسوط" للشيخ الطوسي إلى الشيخ عبد المجيد سليم من شيوخ الأزهر. كان الالبروجردي حريصًا على أن يتعرف فقهاء الشيعة على روايات وأسس فقه أهل السنة، وفي المقابل، أن يطلع أهل السنة على روايات وفقه الشيعة. نجح في هذين الأمرين، حيث تعرف العديد من أعضاء دار التقريب على فقه الشيعة، حتى أن بعض كبار جامعة الأزهر في مصر مثل عبد المجيد سليم والشيخ محمود شلتوت أصدروا فتاوى تجيز العمل وفق الفقه الشيعي الإمامي، أو أفتوا في بعض المسائل مثل شرط شهادة عدلين في الطلاق، متوافقين مع رأي الشيعة، وهو ما تم تسجيله في القانون المدني المصري. | ||
في تلك الفترة، قامت وزارة الأوقاف المصرية بطباعة كتاب "المختصر النافع" للمحقق الحلي (ت 676 هـ)، وهو ملخص لفقه الإمامية، مع مقدمة كتبها وزير الأوقاف آنذاك، الشيخ أحمد حسن الباقوري. زار الباقوري إيران والتقى بآية الله البروجردي. تناولت مقدمته موضوع التقريب الفقهي والمشتركات الفقهية بين المذاهب. | في تلك الفترة، قامت وزارة الأوقاف المصرية بطباعة كتاب "المختصر النافع" للمحقق الحلي (ت 676 هـ)، وهو ملخص لفقه الإمامية، مع مقدمة كتبها وزير الأوقاف آنذاك، الشيخ أحمد حسن الباقوري. زار الباقوري إيران والتقى بآية الله البروجردي. تناولت مقدمته موضوع التقريب الفقهي والمشتركات الفقهية بين المذاهب. | ||
==ضرورة الوحدة الإسلامية== | |||
كان آية الله البروجردي يعتقد أن تنظيم موضوع الوحدة بين المذاهب هو من المهام الحيوية لكل عالم شيعي، ويجب السعي لتحقيقها. كما قال الشهيد مطهري: "كان المرحوم البروجردي عاشقًا ومولعًا بالوحدة الإسلامية، وكان قلبه يرفرف لهذا الموضوع." يُذكر أنه عندما تعرض لأزمة قلبية وأغمي عليه لفترة، وبعد أن أفاق، لم يهتم بحالته الصحية، بل طرح موضوع التقريب والوحدة الإسلامية وقال: "كان لدي آمال كبيرة في هذا المجال." | كان آية الله البروجردي يعتقد أن تنظيم موضوع الوحدة بين المذاهب هو من المهام الحيوية لكل عالم شيعي، ويجب السعي لتحقيقها. كما قال الشهيد مطهري: "كان المرحوم البروجردي عاشقًا ومولعًا بالوحدة الإسلامية، وكان قلبه يرفرف لهذا الموضوع." يُذكر أنه عندما تعرض لأزمة قلبية وأغمي عليه لفترة، وبعد أن أفاق، لم يهتم بحالته الصحية، بل طرح موضوع التقريب والوحدة الإسلامية وقال: "كان لدي آمال كبيرة في هذا المجال." | ||
كتب المرتضى مطهري في مقال بعنوان "مزايا وخدمات آية الله البروجردي": "من مزايا سماحته الاهتمام الكبير الذي كان يوليه لقضية الوحدة الإسلامية وتحسين التفاهم والتقريب بين المذاهب الإسلامية. كان هذا الرجل، بسبب معرفته بتاريخ الإسلام والمذاهب الإسلامية، يدرك مدى تأثير سياسات الحكام السابقين في إثارة الفرقة وإشعال نار الخلاف. كما كان يدرك أن السياسات الاستعمارية في العصر الحالي تستغل هذه الفرقة إلى أقصى حد، بل وتعمل على تأجيجها. كما كان يدرك أن ابتعاد الشيعة عن الفرق الأخرى أدى إلى عدم معرفتهم بالشيعة وتشكيل تصورات خاطئة عنهم. لهذه الأسباب، كان حريصًا على إقامة تفاهم بين الشيعة والسنة، بحيث يتم تحقيق الوحدة الإسلامية، التي هي الهدف الأسمى لهذا الدين المقدس، ومن ناحية أخرى، يتم تعريف السنة بفقه الشيعة ومعارفه كما هي." | كتب المرتضى مطهري في مقال بعنوان "مزايا وخدمات آية الله البروجردي": "من مزايا سماحته الاهتمام الكبير الذي كان يوليه لقضية الوحدة الإسلامية وتحسين التفاهم والتقريب بين المذاهب الإسلامية. كان هذا الرجل، بسبب معرفته بتاريخ الإسلام والمذاهب الإسلامية، يدرك مدى تأثير سياسات الحكام السابقين في إثارة الفرقة وإشعال نار الخلاف. كما كان يدرك أن السياسات الاستعمارية في العصر الحالي تستغل هذه الفرقة إلى أقصى حد، بل وتعمل على تأجيجها. كما كان يدرك أن ابتعاد الشيعة عن الفرق الأخرى أدى إلى عدم معرفتهم بالشيعة وتشكيل تصورات خاطئة عنهم. لهذه الأسباب، كان حريصًا على إقامة تفاهم بين الشيعة والسنة، بحيث يتم تحقيق الوحدة الإسلامية، التي هي الهدف الأسمى لهذا الدين المقدس، ومن ناحية أخرى، يتم تعريف السنة بفقه الشيعة ومعارفه كما هي." | ||
أدت العلاقات الودية والمراسلات بين آية الله البروجردي والشيخ محمود شلتوت إلى إصدار الفتوى التاريخية الشهيرة لشلتوت، التي اعترفت بالمذهب الشيعي. | أدت العلاقات الودية والمراسلات بين آية الله البروجردي والشيخ محمود شلتوت إلى إصدار الفتوى التاريخية الشهيرة لشلتوت، التي اعترفت بالمذهب الشيعي. | ||
في مؤتمر عُقد في طهران لتكريم آية الله البروجردي والشيخ محمود شلتوت، طرح هاشمي رفسنجاني فكر الالبروجردي التقريبي قائلًا: "كان آية الله البروجردي يقول في دروسه: إن الخلاف بيننا وبين أهل السنة في اتجاهين: الأول هو مسألة الخلافة، والثاني هو أقوال الأئمة. وما يهمنا هو مسألة الحجية، أما الخلافة فهي مسألة تاريخية لا يمكن تكرارها اليوم. يجب مناقشة أهل السنة حول حجية أقوال الأئمة، لأن ذلك هو المؤثر في عصرنا. لم يكن الهدف من التقريب والوحدة في نظر آية الله البروجردي هو اندماج مجموعة في أخرى، بل كان يؤكد على أن يتم تعزيز الصداقة والمحبة بين جميع المجموعات من خلال إبراز النقاط المشتركة، بحيث يصبح الجميع "يدًا واحدة" في مواجهة أعداء الإسلام." | في مؤتمر عُقد في طهران لتكريم آية الله البروجردي والشيخ محمود شلتوت، طرح هاشمي رفسنجاني فكر الالبروجردي التقريبي قائلًا: "كان آية الله البروجردي يقول في دروسه: إن الخلاف بيننا وبين أهل السنة في اتجاهين: الأول هو مسألة الخلافة، والثاني هو أقوال الأئمة. وما يهمنا هو مسألة الحجية، أما الخلافة فهي مسألة تاريخية لا يمكن تكرارها اليوم. يجب مناقشة أهل السنة حول حجية أقوال الأئمة، لأن ذلك هو المؤثر في عصرنا. لم يكن الهدف من التقريب والوحدة في نظر آية الله البروجردي هو اندماج مجموعة في أخرى، بل كان يؤكد على أن يتم تعزيز الصداقة والمحبة بين جميع المجموعات من خلال إبراز النقاط المشتركة، بحيث يصبح الجميع "يدًا واحدة" في مواجهة أعداء الإسلام." | ||
==دعم دار التقريب== | |||
تأسست دار التقريب بين المذاهب الإسلامية في عام 1327 هـ ش بمبادرة من مجموعة من علماء أهل السنة والمذاهب المختلفة وعلماء الشيعة، وبجهود محمد تقي القمي، الذي أقام لسنوات في لبنان ومصر، وتولى الأمانة العامة لها. ضمت عضويتها أساتذة من الأزهر مثل الشيخ عبد المجيد سليم، والشيخ محمود شلتوت، والشيخ أبو زهرة، وحسن البنا، ومن علماء الشيعة محمد حسين كاشف الغطاء في النجف، والسيد شرف الدين، ومحمد جواد مغنية في لبنان. | تأسست دار التقريب بين المذاهب الإسلامية في عام 1327 هـ ش بمبادرة من مجموعة من علماء أهل السنة والمذاهب المختلفة وعلماء الشيعة، وبجهود محمد تقي القمي، الذي أقام لسنوات في لبنان ومصر، وتولى الأمانة العامة لها. ضمت عضويتها أساتذة من الأزهر مثل الشيخ عبد المجيد سليم، والشيخ محمود شلتوت، والشيخ أبو زهرة، وحسن البنا، ومن علماء الشيعة محمد حسين كاشف الغطاء في النجف، والسيد شرف الدين، ومحمد جواد مغنية في لبنان. | ||
على الرغم من أن آية الله البروجردي لم يكن من مؤسسي دار التقريب، إلا أنه دعمها بقوة منذ بداية نشاطها، ولم يبخل في تقديم الدعم المالي لها. بالإضافة إلى المراسلات مع شيخ الأزهر عبد المجيد سليم، ومن بعده مع الشيخ محمود شلتوت، عزز علاقات العالم الشيعي مع العالم الإسلامي، وحول العديد من سوء الفهم والعداوات إلى صداقة ومحبة. | على الرغم من أن آية الله البروجردي لم يكن من مؤسسي دار التقريب، إلا أنه دعمها بقوة منذ بداية نشاطها، ولم يبخل في تقديم الدعم المالي لها. بالإضافة إلى المراسلات مع شيخ الأزهر عبد المجيد سليم، ومن بعده مع الشيخ محمود شلتوت، عزز علاقات العالم الشيعي مع العالم الإسلامي، وحول العديد من سوء الفهم والعداوات إلى صداقة ومحبة. | ||
كان آية الله البروجردي يقدم الدعم المالي والعلمي للمؤسسة، وبعد وفاته توقف هذا الدعم، وتوقفت أعمال دار التقريب التي كانت تعتمد على هذه المساعدات. تمثل اهتمامه بقضية الوحدة الإسلامية في دعمه لـ "دار التقريب بين المذاهب الإسلامية" وإقامة علاقات ودية مع مفتي مصر ورؤساء جامعة الأزهر - الشيخ عبد المجيد سليم والشيخ محمود شلتوت - مما أدى في النهاية إلى الفتوى التاريخية لشلتوت في 7 ربيع الأول 1378 هـ، التي أجازت الالتزام بالمذهب الجعفري. | كان آية الله البروجردي يقدم الدعم المالي والعلمي للمؤسسة، وبعد وفاته توقف هذا الدعم، وتوقفت أعمال دار التقريب التي كانت تعتمد على هذه المساعدات. تمثل اهتمامه بقضية الوحدة الإسلامية في دعمه لـ "دار التقريب بين المذاهب الإسلامية" وإقامة علاقات ودية مع مفتي مصر ورؤساء جامعة الأزهر - الشيخ عبد المجيد سليم والشيخ محمود شلتوت - مما أدى في النهاية إلى الفتوى التاريخية لشلتوت في 7 ربيع الأول 1378 هـ، التي أجازت الالتزام بالمذهب الجعفري. | ||
==منع الإساءة إلى الخلفاء وكبار أهل السنة== | |||
يذكر واعظ زاده خراساني في إحدى ذكرياته عن آية الله البروجردي كيف تعامل مع الإساءة إلى كبار أهل السنة، حيث قال الالبروجردي: "شخص ما كتب كتابًا وأساء فيه إلى الخلفاء قدر استطاعته، وذكر اسمي في بداية الكتاب، فأمرت بجمع جميع نسخ الكتاب. في أي عصر نعيش؟ ما الفائدة من هذه الكلمات إلا الضرر وإثارة العداوة؟" كما يُذكر أن الالبروجردي لم يكن موافقًا على طباعة مجلدات "الفتن والمحن" من بحار الأنوار، وتمكن من منع طباعتها بناءً على طلب محمد تقي القمي. | يذكر واعظ زاده خراساني في إحدى ذكرياته عن آية الله البروجردي كيف تعامل مع الإساءة إلى كبار أهل السنة، حيث قال الالبروجردي: "شخص ما كتب كتابًا وأساء فيه إلى الخلفاء قدر استطاعته، وذكر اسمي في بداية الكتاب، فأمرت بجمع جميع نسخ الكتاب. في أي عصر نعيش؟ ما الفائدة من هذه الكلمات إلا الضرر وإثارة العداوة؟" كما يُذكر أن الالبروجردي لم يكن موافقًا على طباعة مجلدات "الفتن والمحن" من بحار الأنوار، وتمكن من منع طباعتها بناءً على طلب محمد تقي القمي. | ||
== المصادر == | |||
{{پانویس|۲}} | |||
{{شاخه | |||
| شاخه اصلی = ادیان و مذاهب | |||
|شاخه فرعی۱ = شیعه امامیه | |||
|شاخه فرعی۲ = دانشمندان بزرگ شیعه | |||
|شاخه فرعی۳ = | |||
}} | |||
{{تکمیل مقاله | |||
| شناسه =شد | |||
| تیترها =شد | |||
| ویرایش =شد | |||
| لینکدهی =شد | |||
| ناوبری = | |||
| نمایه = | |||
| تغییر مسیر =شد | |||
| ارجاعات = | |||
| ارزیابی کمی = | |||
| تکمیل = | |||
| اولویت =ج | |||
| کیفیت =ب | |||
}} | |||
{{پایان متن}} |
مراجعة ٢١:٥٠، ١٨ مارس ٢٠٢٥
(((هذه الصفحة لمستخدم أحمد)))
ما هي الأفكار والرؤى التي كان يحملها آية الله بروجردي حول تقريب المذاهب؟
كان آية الله البروجردي من أولئك الذين أولوا اهتمامًا کبیرًا لتقريب المذاهب. كان يعتقد أن تنظيم موضوع "الوحدة بين المذاهب" هو من المهامّ الحيوية لكل عالم شيعي، ويجب السعي لتحقيقها. وكما قال الشهيد مطهري: "كان المرحوم البروجردي عاشقًا ومولعًا بالوحدة الإسلامية."
تمثّل اهتمام البروجردي بقضية الوحدة الإسلامية في دعمه لدار التقريب بين المذاهب الإسلامية وإقامة علاقات ودية مع مفتي مصر ورؤساء جامعة الأزهر - الشيخ عبد المجيد سليم والشيخ محمود شلتوت - مما أدى في النهاية إلى الفتوى التاريخية لشلتوت في 7 ربيع الأول 1378 هـ، والتي أجازت فيها اتباع المذهب الجعفري.
سيرته
السيد حسين الطباطبائي الالبروجردي (1254-1340 هـ ش)، كان فقيهًا مشهورًا ومن مراجع الإمامية البارزين. وُلد في عائلة روحانية ميسورة الحال في بروجرد، وكان أسلافه من سادات الطباطبائي في أصفهان، الذين ينسبون إلى إسماعيل الديباج. والده السيد علي الطباطبائي، كان من علماء المدينة، وأمه السيدة آغا بيگم، ابنة السيد محمد علي الطباطبائي. ينتهي نسب الالبروجردي باثنين وثلاثين واسطة إلى الإمام الحسن (ع). كان زعيم الحوزة العلمية في قم لمدة سبعة عشر عامًا، ومرجعًا عامًا للشيعة في العالم لمدة خمسة عشر عامًا. كان آية الله البروجردي من تلامذة الآخوند الخراساني، وبعد عودته من النجف استقر في بروجرد. بعد عدة سنوات من وفاة عبد الكريم الحائري اليزدي، استجاب لدعوة المراجع الثلاثة (الحجة، الخوانساري، الصدر) وانتقل إلى قم وتولى رئاسة الحوزة العلمية فيها. بعد وفاة السيد أبو الحسن الأصفهاني، أصبح الالبروجردي أهم مرجع للشيعة، وفي عقد 1330 هـ ش كان يُعتبر المرجع العام للشيعة. في عهده، توسعت الحوزة العلمية في قم وازداد عدد الطلاب بشكل غير مسبوق. بدعمه، تم إحياء ونشر العديد من الأعمال الحديثية والفقهية. كما تم تدوين المجموعة الكبيرة "جامع أحاديث الشيعة" تحت إشرافه.
الفقه المقارن
كان آية الله البروجردي يولى أهمية كبيرة للفقه المقارن في المسائل الخلافية. كان يعتقد أن المسائل الفقهية يجب أن تُناقش ليس فقط على مستوى المذهب الإمامي، بل على مستوى جميع المذاهب الفقهية الإسلامية، مع الأخذ بعين الاعتبار أدلة جميع المذاهب. ومن هذا المنطلق، قام بطباعة كتاب "مسائل الخلاف" للشيخ الطوسي. كان الالبروجردي يعتقد أن "فقه الشيعة في هامش فقه أهل السنة". وأكد على أن يتم كتابة روايات أهل السنة تحت كل باب في كتاب "جامع الأحاديث الفقهية"، وإن كان قد تراجع عن ذلك لاحقًا بسبب ردود الفعل المعارضة.
كانت الأساليب الجديدة والاستراتيجية التي اتبعها آية الله البروجردي في استنباط الأحكام قد فتحت المجال لأبحاث واسعة في فقه أهل السنة، وأقر بأنه بمعرفة محتوى الروايات والفتاوى السائدة لدى أهل السنة في عصر الأئمة المعصومين (ع)، يمكن فهم محتوى الأحاديث ومقاصد أقوال الأئمة بشكل أفضل وأسهل. لم يكن الالبروجردي ينظر إلى آراء أهل السنة بنظرة سلبية؛ بل كان يسعى لفهم أدلتهم وتحليل الموضوع بشكل صحيح.
أهدى آية الله البروجردي كتاب "المبسوط" للشيخ الطوسي إلى الشيخ عبد المجيد سليم من شيوخ الأزهر. كان الالبروجردي حريصًا على أن يتعرف فقهاء الشيعة على روايات وأسس فقه أهل السنة، وفي المقابل، أن يطلع أهل السنة على روايات وفقه الشيعة. نجح في هذين الأمرين، حيث تعرف العديد من أعضاء دار التقريب على فقه الشيعة، حتى أن بعض كبار جامعة الأزهر في مصر مثل عبد المجيد سليم والشيخ محمود شلتوت أصدروا فتاوى تجيز العمل وفق الفقه الشيعي الإمامي، أو أفتوا في بعض المسائل مثل شرط شهادة عدلين في الطلاق، متوافقين مع رأي الشيعة، وهو ما تم تسجيله في القانون المدني المصري.
في تلك الفترة، قامت وزارة الأوقاف المصرية بطباعة كتاب "المختصر النافع" للمحقق الحلي (ت 676 هـ)، وهو ملخص لفقه الإمامية، مع مقدمة كتبها وزير الأوقاف آنذاك، الشيخ أحمد حسن الباقوري. زار الباقوري إيران والتقى بآية الله البروجردي. تناولت مقدمته موضوع التقريب الفقهي والمشتركات الفقهية بين المذاهب.
ضرورة الوحدة الإسلامية
كان آية الله البروجردي يعتقد أن تنظيم موضوع الوحدة بين المذاهب هو من المهام الحيوية لكل عالم شيعي، ويجب السعي لتحقيقها. كما قال الشهيد مطهري: "كان المرحوم البروجردي عاشقًا ومولعًا بالوحدة الإسلامية، وكان قلبه يرفرف لهذا الموضوع." يُذكر أنه عندما تعرض لأزمة قلبية وأغمي عليه لفترة، وبعد أن أفاق، لم يهتم بحالته الصحية، بل طرح موضوع التقريب والوحدة الإسلامية وقال: "كان لدي آمال كبيرة في هذا المجال."
كتب المرتضى مطهري في مقال بعنوان "مزايا وخدمات آية الله البروجردي": "من مزايا سماحته الاهتمام الكبير الذي كان يوليه لقضية الوحدة الإسلامية وتحسين التفاهم والتقريب بين المذاهب الإسلامية. كان هذا الرجل، بسبب معرفته بتاريخ الإسلام والمذاهب الإسلامية، يدرك مدى تأثير سياسات الحكام السابقين في إثارة الفرقة وإشعال نار الخلاف. كما كان يدرك أن السياسات الاستعمارية في العصر الحالي تستغل هذه الفرقة إلى أقصى حد، بل وتعمل على تأجيجها. كما كان يدرك أن ابتعاد الشيعة عن الفرق الأخرى أدى إلى عدم معرفتهم بالشيعة وتشكيل تصورات خاطئة عنهم. لهذه الأسباب، كان حريصًا على إقامة تفاهم بين الشيعة والسنة، بحيث يتم تحقيق الوحدة الإسلامية، التي هي الهدف الأسمى لهذا الدين المقدس، ومن ناحية أخرى، يتم تعريف السنة بفقه الشيعة ومعارفه كما هي."
أدت العلاقات الودية والمراسلات بين آية الله البروجردي والشيخ محمود شلتوت إلى إصدار الفتوى التاريخية الشهيرة لشلتوت، التي اعترفت بالمذهب الشيعي.
في مؤتمر عُقد في طهران لتكريم آية الله البروجردي والشيخ محمود شلتوت، طرح هاشمي رفسنجاني فكر الالبروجردي التقريبي قائلًا: "كان آية الله البروجردي يقول في دروسه: إن الخلاف بيننا وبين أهل السنة في اتجاهين: الأول هو مسألة الخلافة، والثاني هو أقوال الأئمة. وما يهمنا هو مسألة الحجية، أما الخلافة فهي مسألة تاريخية لا يمكن تكرارها اليوم. يجب مناقشة أهل السنة حول حجية أقوال الأئمة، لأن ذلك هو المؤثر في عصرنا. لم يكن الهدف من التقريب والوحدة في نظر آية الله البروجردي هو اندماج مجموعة في أخرى، بل كان يؤكد على أن يتم تعزيز الصداقة والمحبة بين جميع المجموعات من خلال إبراز النقاط المشتركة، بحيث يصبح الجميع "يدًا واحدة" في مواجهة أعداء الإسلام."
دعم دار التقريب
تأسست دار التقريب بين المذاهب الإسلامية في عام 1327 هـ ش بمبادرة من مجموعة من علماء أهل السنة والمذاهب المختلفة وعلماء الشيعة، وبجهود محمد تقي القمي، الذي أقام لسنوات في لبنان ومصر، وتولى الأمانة العامة لها. ضمت عضويتها أساتذة من الأزهر مثل الشيخ عبد المجيد سليم، والشيخ محمود شلتوت، والشيخ أبو زهرة، وحسن البنا، ومن علماء الشيعة محمد حسين كاشف الغطاء في النجف، والسيد شرف الدين، ومحمد جواد مغنية في لبنان.
على الرغم من أن آية الله البروجردي لم يكن من مؤسسي دار التقريب، إلا أنه دعمها بقوة منذ بداية نشاطها، ولم يبخل في تقديم الدعم المالي لها. بالإضافة إلى المراسلات مع شيخ الأزهر عبد المجيد سليم، ومن بعده مع الشيخ محمود شلتوت، عزز علاقات العالم الشيعي مع العالم الإسلامي، وحول العديد من سوء الفهم والعداوات إلى صداقة ومحبة.
كان آية الله البروجردي يقدم الدعم المالي والعلمي للمؤسسة، وبعد وفاته توقف هذا الدعم، وتوقفت أعمال دار التقريب التي كانت تعتمد على هذه المساعدات. تمثل اهتمامه بقضية الوحدة الإسلامية في دعمه لـ "دار التقريب بين المذاهب الإسلامية" وإقامة علاقات ودية مع مفتي مصر ورؤساء جامعة الأزهر - الشيخ عبد المجيد سليم والشيخ محمود شلتوت - مما أدى في النهاية إلى الفتوى التاريخية لشلتوت في 7 ربيع الأول 1378 هـ، التي أجازت الالتزام بالمذهب الجعفري.
منع الإساءة إلى الخلفاء وكبار أهل السنة
يذكر واعظ زاده خراساني في إحدى ذكرياته عن آية الله البروجردي كيف تعامل مع الإساءة إلى كبار أهل السنة، حيث قال الالبروجردي: "شخص ما كتب كتابًا وأساء فيه إلى الخلفاء قدر استطاعته، وذكر اسمي في بداية الكتاب، فأمرت بجمع جميع نسخ الكتاب. في أي عصر نعيش؟ ما الفائدة من هذه الكلمات إلا الضرر وإثارة العداوة؟" كما يُذكر أن الالبروجردي لم يكن موافقًا على طباعة مجلدات "الفتن والمحن" من بحار الأنوار، وتمكن من منع طباعتها بناءً على طلب محمد تقي القمي.