مستخدم:Translation/ملعب3
هل يمكن وجود الله؟ وهل یصحّ الادعاء بأنّ الله لا يمكن إثباته بالأدلة العقلية والمنطقية؟
لقد ناقش المتكلمون مسألة إمكانية إثبات وجود الله بالأدلة العقلية والمنطقية. فقد ذكر بعضهم أن بداهة وجود الله تعالى في الفطرة واستحالة التعريف المنطقي لله تعالى هما دليلان على عدم إمكانية إثبات الله بالأدلة العقلية والمنطقية. في المقابل، تم تقديم إجابات مثل إقامة الدليل على وجود الله في القرآن والروايات، وعدم تعارض القابلية للإثبات مع بداهة وجود الله، وإمكانية تعريف الله تعالى ردّاً على هذين الدليلين. من جهة أخرى، فإنّ إثبات الله بالأدلة الوحيانية وغير العقلية غير ممكن، وبالتالي يصبح من الأكثر إدراكاً ضرورة إثبات الله بالأدلة العقلية.
أدلة القائلين بعدم إمكانية إثبات الله بالأدلة العقلية
يعتقد بعضهم أن الله تعالى لا يمكن إثباته بالأدلة العقلية والمنطقية، وقد قدموا دليلَين لادعائهم:
- في القرآن الكريم، يُعتبر وجود الله بديهياً، وإنّ كل شخص يجد الله في ضميره، وبناءً على هذا المبدأ، لم يرد أيّ دليل على إثبات الله في القرآن.
- يجب لإثبات أيّ شيء أن يتم تعريفه، والتعريف يعني التحديد، ولكن الله غير محدود، لذلك لا يمكن تعريفه. وبالتالي، لا يمكن إثبات الله عن طريق المنطق والفلسفة.[١]
نقد الدليل الأول: بداهة وجود الله
عدم تعارض إمكانية الإثبات مع البداهة
لا يوجد تعارض بين بداهة وجود الله وإمكانية إثباته وإقامة الدليل عليه. إنّ البديهيات في علم المنطق نوعان: بديهيات أولية وبديهيات ثانوية. البديهيات الأولية لا تحتاج إلى إثبات منطقي واستدلال، بل إنّ إقامة الدليل عليها مستحيل أصلاً، لأنّنا سنحتاج إلى استخدامها نفسها في إثباتها، وبالتالي نقع في الدور. أما البديهيات الثانوية، فإنّها وإن لم تحتج إلى إثبات، إلا أنّ إثباتها ليس مستحيلاً، وقد قدّم الكثير من علماء المنطق استدلالات منطقية لإثبات هذه البديهيات (مثل أن الكلّ أكبر من الجزء) وكذلك لإثبات بداهتها. بناء على هذا فإذا كان وجود الله بديهياً بالاصطلاح المنطقي، فهو من البديهيات الثانوية القابلة للإثبات.[٢]
أما إذا كان المقصود من البداهة هو أنّ كلّ شخص يجد الله في نفسه بعلم حضوري ولا يحتاج إلى استدلال، فإنه يُقال: صحيح أنّ العلم الحضوري خارج تماماً عن نطاق البرهان والاستدلال، ولكن لتبيين ما تم اكتشافه بالعلم الحضوري ونقله إلى الآخرين، يجب تحويله إلى علم حصولي، وعندما يتحول إلى علم حصولي، يصبح قابلاً للاستدلال.
إثبات الله في القرآن
//////////////حتى لو لم يستخدم القرآن الكريم استدلالاً منطقياً لإثبات الله، فإن ذلك لا يمنع الاستدلال، لأن القرآن لم يمنع الاستدلال، بل إنه لم يستخدمه فقط. علاوة على ذلك، فإن القرآن يحتوي على استدلالات ويوصي المؤمنين باستخدام العقل والعلوم العقلية. على سبيل المثال، في الآيات 35-36 من سورة طه، تم إقامة نوع من القياس الاستثنائي لإثبات وجود الله من خلال خلق الإنسان.[٣]
إثبات الله في روايات أهل البيت (عليهم السلام)
توجد في روايات أهل البيت (ع) استدلالات كثيرة لإثبات الله. وقد سُجلت مناظرات الأئمة مع المخالفين فكرياً والزنادقة في هذا المجال، وهي موجودة في المجاميع الروائية.[٤]
نقد الدليل الثاني: الله لا يمكن تعريفه
التعريف لا يعني التحديد
التعريف لا يعني التحديد، بل يعني توضيح وبيان حدود المفاهيم، وأحياناً يكون فقط للإشارة إلى موضوع موجود في ذهن المخاطب، مثل التعريفات اللفظية والاسمية التي تشرح فقط معنى المفهوم المطلوب. لذلك، إذا كان الموضوع لا حد له، يتم الإشارة إليه بكلمة "غير محدود" دون أن يصبح المفهوم محدوداً.
التصور والفهم الإجمالي عن الله تعالى
إن تصور مفهوم الله في أذهان جميع البشر يدل على أن جميع الأفراد لديهم تصور إجمالي عن الله. لذلك، يبدو أن القائلين بعدم إمكانية معرفة الله قد خلطوا بين معرفة ذات الله وبين تصور وجوده، ولم يتمكنوا من التمييز بينهما، في حين أن هناك فرقاً كبيراً بينهما. فالذات الإلهية وحقيقة الله لا يمكن أن تُدرك بالذهن أبداً، ولكن تصورها قابل للنقاش والبحث. وبناءً على ذلك، يقول أمير المؤمنين (ع): ؟؟؟؟؟؟ما منع الله العقول من معرفته بقدر ما يجب لها، وإن كان لم يدعها إلى كنه معرفته وتحديد صفاته.[٥]
وجود الله من المفاهيم الفلسفية الثانوية
المفاهيم التي ليس لها وجود خارجي قابل للملاحظة، والتي تسمى بالمفاهيم الفلسفية الثانوية، مثل "اللانهاية"، و"غير المحدود"، و"الوجود"، و"الإمكان"، و"الوجوب"، وحتى المفاهيم السلبية التي لا وجود لها أصلاً، مثل "شريك الله"، هي قابلة للنقاش والاستدلال، ويتم الحديث عنها في الفلسفة. ومفهوم "واجب الوجود" الذي يعود إلى الله هو من هذه المفاهيم.
استحالة؟؟؟؟؟؟؟؟؟ استخدام المفاهيم الوحيانية في إثبات الله
إثبات الله باستخدام المفاهيم والتعاليم الوحيانية هو عمل غير صحيح، وسيقع الإنسان في الدور؛ لأن حجية الوحي تعتمد على قبولنا لوجود الله أولاً، ثم إثبات نبي لهذا الله، ثم اعتبار هذا النبي معصوماً، وبعد ذلك قبول أقوال هذا الرسول. ومن الواضح أنه لا يمكن الاعتماد على كلام نبي مرسل من الله لقبول وجود الله.
لمزيد من الدراسة
- أصول الفلسفة والمنهج الواقعي، ج5، مرتضى مطهري.
- التوحيد، مرتضى مطهري.
- ↑ تشمران، مصطفى، انسان و خدا، طهران، مؤسسة الشهید تشمران، ۱۳۶۷، ص۵۳–۷۸.
- ↑ جوادی الآملی، عبد الله، شناخت شناسی در قرآن؛ طهران؛ مرکز رجاء الثقافی، ۱۳۷۲، ص۲۰۷–۲۱۷.
- ↑ جوادی الآملی، عبد الله؛ تبیین براهین إثبات خدا، قم، مرکز الإسراء للنشر؛ ۱۳۷۸؛ ص۱۲۴–۱۲۸.
- ↑ الطبرسی، أحمد بن علی، الاحتجاج، تحقیق: السید محمد باقر الخرسان؛ بیروت؛ دار النعمان، ص۲۰–۲۴؛ الکلینی، محمد بن یعقوب، أصول الکافی، تحقیق: علی أکبر غفاری؛ طهران؛ دار الکتب الإسلامیة؛ ۱۳۸۸هـ؛ ص۷۲–۸۲.
- ↑ نهج البلاغة؛ صبحی صالح، الخطبة ۴۹.