مستخدم:Translation/ملعب2

    من ويكي باسخ
    سؤال

    ما هو موقع زيارة السيدة فاطمة المعصومة (ع) بين الزيارات الأخرى، وهل لها سند معتبر؟

    تحتل زيارة السيدة فاطمة المعصومة (ع) مكانة رفيعة في روايات أهل البيت (ع)، حيث أكّد الأئمة المعصومون على ثوابها وفضيلتها. فقد وصف الإمام الصادق (ع) مدينة قم بأنّها حرم أهل البيت، بينما صرّح الإمام الرضا (ع): "من زارها عارفاً بحقها وجبت له الجنة". وهذا يدلّ على المنزلة السامية للسيدة المعصومة التي أكّدها أهل البيت (ع).

    تعتبر زيارة السيدة المعصومة من الزيارات النادرة التي نُسبت إلى إمام معصوم، وهي ميزة غير مألوفة حتى بين سائر أولاد الأئمة. فقد ذكر العلامة المجلسي هذه الزيارة في كتابه بحار الأنوار ومؤلفاته الأخرى، نقلاً عن الإمام الرضا (ع) عبر سلسلة سند تنتهي بسعد الأشعري، وجميع رواة السند من الإمامية الموثقين. ومع ذلك، فقد شكّك بعض الباحثين في أصالة هذا السند، ولكن وفقاً لقاعدة التسامح في أدلة السنن، يبقى العمل بهذه الزيارة ذا قيمة ومقبولاً.

    تحتوي زيارة السيدة المعصومة على مضامين عميقة وسامية، حيث يؤكّد النص على مقام شفاعتها الواسع الذي يتناسب مع منزلتها الرفيعة. كما لفت انتباه الشرّاح والمفسرين أوصاف السيدة المعصومة وكذلك أسلوب مخاطبة المعصومين في هذه الزيارة، حيث يتم توجيه الخطاب إليهم مباشرةً.

    زيارة السيدة المعصومة

    جاء في روايات أهل البيت (ع) تأكيدات متعددة على فضل زيارة السيدة المعصومة وثوابها، حيث أخبرت بعضها عن وفاتها في مدينة قم وثواب زيارتها.[١]

    1. فقد روي عن الإمام الصادق (ع) قوله: قم حرمنا أهل البيت، مشيراً إلى وجود قبر السيدة فاطمة بنت موسى الكاظم (ع) فيها، وقال: "من زارها وجبت له الجنة".[٢]
    2. أما الإمام الرضا (ع) فقد خاطب سعد الأشعري القمي قائلاً: أما إنّ لها عند الله تعالى منزلةً عظيمة، و"من زارها عارفاً بحقها فله الجنة".[٣]
    3. كما ورد عن الإمام الجواد (ع) قوله: "من زار عمتي بقم فله الجنة".[٤]

    نص الزيارة

    أورد العلامة المجلسي في بحار الأنوار وغيره من مؤلفاته نص زيارة منسوبة إلى الإمام الرضا (ع) في حق السيدة فاطمة المعصومة.[٥] [٦] [٧] تبدأ هذه الزيارة - التي أملاها الإمام على سعد الأشعري - بثلاثة وأربعين تكبيرة (الله أكبر)، وثلاث وثلاثين تسبيحة (سبحان الله)، وثلاث وثلاثين تحميدة (الحمد لله). وعند الوصول إلى الضريح، يُستحب الوقوف عند الرأس متوجهاً نحو القبلة وتلاوة هذه الأذكار قبل متابعة قراءة الزيارة.[٨]

    يعتقد بعض الباحثين الدينيين أن هناك بعض الاضطرابات في نص هذه الزيارة. فقد انتقد هؤلاء الباحثون تغيير المخاطَب في الفقرات الختامية لزيارة السيدة فاطمة المعصومة (ع)، حيث يتغير الخطاب في أجزاء من النص من مخاطبة السيدة المعصومة (ع) إلى النبي (ص)، ثم إلى الله تعالى، قبل أن يعود مرة أخرى إلى مخاطبة السيدة المعصومة (ع). وفي الإجابة على هذا الإشكال، يرى العلامة المجلسي أن الجزء الأول من الزيارات قد يكون منسوباً إلى الأئمة المعصومين (ع)، بينما قد تكون الأجزاء اللاحقة قد أضيفت إلى نص الزيارة من قبل العلماء والمفكرين الآخرين.[٩]

    دراسة السند

    بعد زيارة السيدة فاطمة الزهراء (ع)، تُعتبر زيارة السيدة المعصومة الزيارة المأثورة الوحيدة في حق إحدى النساء، والتي تم نقلها عن إمام معصوم.[١١] ومن بين سائر أولاد الأئمة، لا يوجد من حظي بزيارة مأثورة عن المعصومين إلا عباس بن علي (ع) وعلي الأكبر (ع).[١٢] ومن مميزات زيارة فاطمة المعصومة (ع) بالنسبة لسائر أولاد الأئمة أن هذه الزيارة أنّها مأثورة.[١٣]

    يذكر العلامة المجلسي سند هذه الرواية في "بحار الأنوار" نقلاً عن: علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن سعد بن سعد الأحوص، عن الإمام الرضا (ع). وقد أورد نفس السند في كتابه تحفة الزائر، مع تأكيده أنه لم يذكر في هذا الكتاب إلا الروايات المعتبرة سنداً.[١٤]

    بناءً على الدراسات السندية، فإن جميع رواة هذه الزيارة هم من الإمامية الموثوقين، وقد نُقلت هذه الرواية بسند متصل إلى العلامة المجلسي والسيد حيدر الكاظمي. ويشير العلامة المجلسي في مقدمة كتابه تحفة الزائر إلى أنّه لم يورد في هذا الكتاب إلا الروايات المعتبرة.[١٤] ومع ذلك، توجد بعض الشكوك حول أحد رواة هذا الحديث. فبحسب بعض الدراسات البحثية، يبدو أن "سعد بن سعد الأحوص" لم تتح له فرصة لقاء الإمام الرضا (ع)، مما يثير التساؤلات حول هوية هذا الراوي. ولذلك، يرى بعض الباحثين أن سند هذه الزيارة يحتاج إلى مزيد من التدقيق والتمحيص.[١٥]

    وبالرغم من وجود بعض الملاحظات على مستوى السند والمتن، إلا أن عددًا من العلماء قد قبلوا هذه الزيارة إستنادًا إلى قاعدة التسامح في أدلة السنن. وفقًا لهذه القاعدة، فإن التدقيق الشديد في أسانيد الأدعية ليس شرطًا ضروريًا، بل يُعتبر العمل بها مع التوجه إلى مضامينها السامية عملًا مقبولاً وذو قيمة روحية عالية.[١٦]

    شرح مضامين الزيارة

    كُتبت شروحات وتفاسير للعديد من فقرات زيارة السيدة فاطمة المعصومة (ع). فكثير من أجزاء هذه الزيارة تحوي مضامين سامية، وقد حظيت باهتمام الباحثين والمفكرين.[١٧] وفي القسم الافتتاحي من هذه الزيارة حيث يُوجَّه الخطاب إلى الأئمة الأربعة عشر المعصومين (ع) ويُقدَّم لهم السلام بشكل مباشر، لاحظ المفسرون أنّ هذا يشير إلى أنّ الأئمة المعصومين (ع) كأنهم حاضرون في حرم السيدة المعصومة (ع).[١٨]

    وفي زيارة السيدة المعصومة (ع) التي نقلها العلامة المجلسي في كتاب بحار الأنوار، نجد العبارة التالية: "يَا فَاطِمَةُ اشْفَعِي لِي فِي الْجَنَّةِ فَإِنَّ لَكِ عِنْدَ اللَّهِ شَأْنًا مِنَ الشَّأْنِ". ويؤكّد كبار علماء الشيعة أنّ نطاق شفاعة أيّ شخص يتناسب مع مقامه ومنزلته؛ فكلّما ارتفع مقام الشخص، اتسع نطاق شفاعته. ومن الرواية التي نقلها الإمام الصادق (ع) حيث قال: يدخل شيعتي الجنة كلهم بشفاعتها، يمكننا أن نستنتج أن مقام السيدة فاطمة المعصومة (ع) عالٍ جداً ويقارب مقام العصمة، وهي نتيجة لما تمتعت به من علم رفيع وتقوى عالية.[١٩]

    مقالات ذات صلة

    المصادر

    1. دانشور، هادي، سفارشات زيارت حضرت معصومه عليهاالسلام، في مجلة فرهنگ كوثر، سنة 1378، رقم 35، ص28-31.
    2. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، دار إحياء التراث العربي، 1403هـ، ج99، ص 267.
    3. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، دار إحياء التراث العربي، 1403هـ، ج48، ص 316.
    4. ابن‌قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات، النجف الأشرف، المطبعة المباركة المرتضوية، 1356، ج1، ص324.
    5. المجلسي، محمد باقر، زاد المعاد، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1423هـ، ص548–547.
    6. مجلسي، محمدباقر، بحارالانوار، بيروت، دار احياء التراث العربي، 1403هـ، ج99، 1403هـ، ص266–267.
    7. المجلسي، محمد باقر، تحف الزائر، قم، مؤسسة الإمام الهادي، 1386ش، ص4.
    8. دانشور، هادي، سفارشات زيارت حضرت معصومه عليهاالسلام، في مجلة فرهنگ كوثر، سنة 1378، رقم 35، ص28-31.
    9. مقيسه، حسين، پژوهشي در زيارتنامه فاطمه معصومه(ع)، في مجلة فرهنگ كوثر، سنة 1378، رقم 25، ص54-58.
    10. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، دار احياء التراث العربي، 1403هـ، ج99، 1403هـ، ص266–267.
    11. دانشور، هادي، سفارشات زيارت حضرت معصومه عليهاالسلام، في مجلة فرهنگ كوثر، سنة 1378، رقم 35، ص28-31.
    12. مقيسه، حسين، پژوهشي در زيارتنامه فاطمه معصومه(ع)، في مجلة فرهنگ كوثر، سنة 1378، رقم 25، ص54-58.
    13. المجلسي، محمد باقر، زاد المعاد، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1423هـ، ص548–547.
    14. تعدى إلى الأعلى ل: ١٤٫٠ ١٤٫١ دانشور، هادي، سفارشات زيارت حضرت معصومه عليهاالسلام، في مجلة فرهنگ كوثر، سنة 1378، رقم 35، ص28-31.
    15. مقيسه، حسين، پژوهشي در زيارتنامه فاطمه معصومه(ع)، في مجلة فرهنگ كوثر، سنة 1378، رقم 25، ص54-58.
    16. مقيسه، حسين، پژوهشي در زيارتنامه فاطمه معصومه(ع)، في مجلة فرهنگ كوثر، سنة 1378، رقم 25، ص54-58.
    17. مقيسه، حسين، پژوهشي در زيارتنامه فاطمه معصومه(ع)، في مجلة فرهنگ كوثر، سنة 1378، رقم 25، ص54-58.
    18. جمع من الكاتبين، آداب واحكام زيارت، قم، مكتب نشر المعارف، سنة 1389، ص69.
    19. آزاد، عباس، زيارت عارفانه؛ توصيه‌هاي عالمانه با محوريت زيارت حضرت معصومه(س)، في مجلة مبلغان، سنة 1397، رقم 234.

    رده:فقه الحدیث