مستخدم:Translation/ملعب3
اشتهرت قراءات سبعة من قراء القرآن بين الناس. فمن هؤلاء القراء؟ وهل هذه القراءات معتبرة ويجوز قراءة القرآن بإحداها؟
القراء السبعة هم:
عبد الله بن عامر اليحصبي (توفي 118 هـ)، وعبد الله بن كثير الداري (توفي 120 هـ)، وعاصم بن أبي النجود الأسدي (توفي 128 هـ)، وأبو عمرو بن العلاء المازني (توفي 154 هـ)، وحمزة بن حبيب الزيات (توفي 156 هـ)، ونافع بن عبد الرحمن الليثي (توفي 169 هـ)، وعلي بن حمزة الكسائي (توفي 189 هـ).
وللعلماء الشيعة ثلاثة آراء حول اعتبار القراءات السبع:
- يعتبر بعض العلماء أنّ القراءات السبع متواترة.
- يرى بعضهم جواز قراءة الصلاة والتلاوة بأي من هذه القراءات، حتى لو لم يقبلوا بتواترها.
- يعتقد بعضهم أنّ بعض هذه القراءات متواترة، بينما البعض الآخر غير متواترة.
أسباب اختلاف القراءات
لم يختلف المسلمون في أصل القرآن، لكن اختلف القراء في كيفية قراءة بعض كلماته، حيث كان كلّ منهم يبرّر قراءته وفق اجتهاده وما لديه من أدلة. ومن العوامل التي أدّت لظهور هذه الاختلافات:
- بدائية الخط: كان الخط العربي بدائياً، ولم يكن معظم الناس على دراية بفنون الكتابة، فكانوا يكتبون العديد من الكلمات حسب النطق. وفي الرسم الأولي، كانت بعض الكلمات تكتب بشكل يحتمل أوجه قراءة متعددة. مثلاً: بعضهم قرأ ﴿لإيلافِ قُرَيْشٍ﴾[١] بحذف الهمزة وإثبات الياء (ليلاف قريش). وبعضهم قرأها (لئلاف قريش). كما قرأ بعض القراء ﴿إيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾[٢] بحذف الياء وإثبات الهمزة (إلافهم).[٣]
- عدم تنقيط الحروف: في الرسم الأولي لم تكن الحروف منقوطة، فلم يكن هناك فرق بين (س، ش)، وبین (ب، ت، ث)، وبین (ج، ح، خ)، وبین (د، ذ) وغيرها. وكان القارئ مضطراً للاعتماد على معنى الجملة لتحديد الحرف. مثال: قراءة الكسائي لـ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ في سورة الحجرات آية 6 (فتثبّتوا).[٤]
- عدم وجود علامات التشكيل: كانت الكلمات القرآنية تكتب دون حركات أو علامات إعراب، مما شكل صعوبة للقارئ غير العربي في تحديد الحركات. مثال: قرأ حمزة والكسائي الآية ﴿قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[٥] بصيغة الأمر. بينما قرأها الآخرون بصيغة المضارع.[٦]
- حذف الألف في الكلمات: كان حذف الألف الوسطى من الكلمات سبباً آخر للاختلاف. مثال: قرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾[٧] بإثبات الألف (وما يخادعون). وذلک لأنّ هذه الکلمة وردت فی بدایة الآية بهذا الشکل (بالألف): ﴿یُخادِعُونَ اللَّهَ﴾، فظنّوا أنّ هذه الکلمة أیضًا لا بدّ أن تکتب هکذا.[٨] بينما يتطلب المعنى قراءتها بدون ألف.
- اختلاف لهجات العرب وعوامل أخرى.[٩]
القراء السبعة
هناك خلاف حول طبقات القرّاء، سواء في أصل الطبقات، أو في أسماء من ينتمون إليها. فذكر البعض خمس طبقات فقط،[١٠] وآخرون ثماني طبقات.[١١] الطبقة الأولى هم صحابة رسول الله (ص) الذين تلقّوا القرآن منه مباشرة، مثل: أمير المؤمنين علي (ع)، وعبد الله بن مسعود، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت.[١٢] ثم جاء التابعون الذين لم يدركوا حياة النبي (ص).[١٣] وتعلّموا من الصحابة، مثل: عبد الله بن عباس، وأبو الأسود الدؤلي، وعلقمة بن قيس النخعي، وعبد الله بن حبيب السلمي، الذی أخذ هذه القراءة من ابن مسعود وعرضها على الإمام علی (ع).[١٤]
كان عدد القراء وطبقاتهم في ازدياد مستمر في كل عصر، حيث كان لكل قارئ رواة يتلقّون عنه كيفية القراءة وينقلونها إلى الآخرين. وكان الناس يقرؤون القرآن بقراءات متعدّدة، مما أدّى إلى ظهور اختلافات في قراءة القرآن. وفي النهاية، قام أبو بكر أحمد بن موسى بن عباس بن مجاهد (245-324 هـ)، المشهور بـ"ابن مجاهد"، باختيار سبعة من أشهر القراء الذين تميزوا بإتقان خاص في قراءة القرآن، وكانت قراءاتهم متصلة برسول الله (ص) بعدد قليل من الوسائط. فجمع قراءاتهم ودوّنها في كتب، ومنع بعد ذلك تدريس أيّ قراءات غير هذه القراءات السبع.[١٥]
أصبح هؤلاء القراء السبعة الذين اختارهم ابن مجاهد معروفين بـ"القراء السبعة".[١٦] وقد نقل قراءة كل واحد منهم مجموعةٌ من الرواة، اشتهر منهم اثنان لكل قارئ.[١٧]
- 1. ابن عامر: عبد الله بن عامر اليحصبي (ت 118 هـ)، قارئ دمشق، وهو من كبار التابعين. تلقّى القراءة عن المغيرة بن أبي شهاب المخزومي، عن عثمان بن عفان، عن رسول الله (ص).[١٨] وقد روى عنه شخصان هذه القراءة بالواسطة، وهما: هشام بن عمار الدمشقي، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان.[١٩]
- 2. ابن كثير: عبد الله بن كثير الداري (ت 122 هـ)، من قراء مكة.[٢٠] وراوياه المشهوران هما: أحمد بن محمد بن عبد الله (المشهور بالبزّي)، ومحمد بن عبد الرحمن بن خالد (الملقّب بقنبل)[٢١]
- 3. عاصم: عاصم بن أبي النجود الأسدي (ت 127 أو 128 هـ)، قارئ الكوفة، وهو من الطبقة الثالثة من التابعين.[٢٢] وراوياه هما: حفص بن سليمان (وکان عاصم قد تبنّاه) (90-180 هـ)، وشعبة أبو بكر بن عياش (95-193 هـ). وكان حفص يرى أن قراءة عاصم أكثر دقة وضبطاً، وقد انتشرت قراءة عاصم عن طريق حفص وهي القراءة السائدة اليوم.[٢٣] وقراءة حفص عن عاصم هي نفس القراءة الشائعة في أغلب البلاد الإسلامية اليوم.
- 4. أبو عمرو: أبو عمرو بن العلاء المازني (ت 154 هـ)، قارئ البصرة. وراوياه هما: الدوري حفص بن عمر (ت 246 هـ)، والسوسي صالح بن زياد (ت 261 هـ). ولم يدرك هذان الراويان أبا عمرو مباشرة، بل تلقّيا القراءة عنه بواسطة اليزيدي.[٢٤]
- 5. حمزة: حمزة بن حبيب الزيات (ت 156 هـ)، قارئ الكوفة. وراوياه هما: خلف بن هشام (150-229 هـ)، وخلاد بن خالد (ت 220 هـ)، وقد تلقّيا القراءة عنه بواسطة أبي عيسى سليمان بن عيسى الحنفي الكوفي.[٢٥]
- 6. نافع: نافع بن عبد الرحمن الليثي (ت 169 هـ)، قارئ المدينة. وراوياه هما: عيسى بن مينا (120-220 هـ) (المشهور بقالون، وکان نافع قد تبنّاه)، و عثمان بن سعيد الملقّب بورش (110-197 هـ). وهذه القراءة منتشرة اليوم في بعض دول المغرب العربي.[٢٥]
- 7. الكسائي: علي بن حمزة الكسائي (ت 189 هـ)، قارئ الكوفة. وراوياه هما: الليث بن خالد (ت 240 هـ)، وحفص بن عمر الدوري (ت 246 هـ) (وهو راوي أبي عمرو أيضاً).[٢٦]
إنّ خمسة من القراء السبعة من أصل إيراني (باستثناء ابن عامر وأبي عمرو).[٢٧] کما أنّ أربعة منهم كانوا شيعة (عاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي).[٢٨]
اعتبار القراءات السبع عند علماء الشيعة
يتبنى علماء الشيعة ثلاثة آراء حول اعتبار القراءات السبع:
- الرأي الأول: يرى بعض العلماء أن القراءات السبع متواترة. ومن هؤلاء: ابن المطهر، وابن فهد، والمحقق الثاني، والشهيد الثاني، والشيخ الحر العاملي.[٢٩] والمقصود بالتواتر هنا القراءة التي كانت شائعة في عصر الأئمة (ع) ولم ينهوا عنها، مما يدل على أنهم (ع) كانوا يرون صحتها.[٣٠]
- الرأي الثاني: يرى بعض العلماء جواز قراءة الصلاة والقرآن بهذه القراءات، حتى لو لم يقبلوا بتواترها.[٣١]
- الرأي الثالث: يرى فريق ثالث أن بعض هذه القراءات متواتر وبعضها غير متواتر.[٣٢]
أما الشيخ الطوسي، فيذكر أن علماء الشيعة أجازوا قراءة القرآن وفق القراءات المشهورة بين الناس، وقالوا بجواز التلاوة بأي من القراءات المتداولة بين المسلمين.[٣٣] ولم يتطرق الشيخ الطوسي لمسألة التواتر من عدمه، بل أكد أن قراءة القرآن بالقراءة الشائعة بين الناس هي القراءة الصحيحة.
مقالات ذات صلة
- ↑ سورة قریش، الآية ۱.
- ↑ سورة قریش، الآية ۲.
- ↑ الطبرسی، الفضل بن الحسن، مجمع البیان فی تفسیر القرآن، طهران، ناصر خسر، الطبعة 3، ۱۳۷۲ش، ج۱۰، ص۸۲۷.
- ↑ نشار، عمر بن قاسم، المکرر فیما تواتر من القراءات السبع و تحرر، بیروت، دار الکتب العلمیة، ۱۴۲۲هـ، ص۹۳.
- ↑ سورة البقرة، الآية ۲۵۹.
- ↑ بن حموش، مکی، الکشف عن وجوه القراءآت السبع و عللها و حججها، تحقیق: محیی الدین رمضان، بیروت، مؤسسة الرسالة، ۱۴۰۲هـ، ج۱، ص۳۱۲.
- ↑ سورة البقرة، الآية ۹.
- ↑ بن حموش، مکی، الکشف عن وجوه القراءآت السبع و عللها و حججها، تحقیق: محیی الدین رمضان، بیروت، مؤسسة الرسالة، ۱۴۰۲هـ، ج۱، ص۲۲۴.
- ↑ معرفة، محمد هادی، التمهید، قم، مؤسسة النشر الإسلامی، الطبعة 1، ۱۴۱۱هـ، ج ۲، ص۶۰–۹؛ الزرکشی، البرهان، بیروت، دار المعرفة، ۱۴۱۰ هـ، ج۱، ص ۳۱۸. حجتی، محمّد باقر، پژوهشی در تاریخ قرآن کریم، دفتر نشر فرهنگ اسلامی، الطبعة 9، ۱۳۷۵، ص۲۷۷.
- ↑ الطباطبائی، محمد حسین، قرآن در اسلام، قم، بوستان کتاب قم، ۱۳۸۸ش، ص۱۵۵.
- ↑ طاهری، حبیب الله، درسهایی از علوم قرآنی، قم، أسوة، ۱۳۷۷ش، ج۱، ص۳۶۶.
- ↑ الذهبی، محمد بن أحمد، معرفة القراء الکبار على الطبقات و الأعصار، استانبول - ترکیه، مرکز البحوث الإسلامیة التابع لوقف الدیانة الترکی، ۱۴۱۶هـ، ج۱، ص۱۰۲.
- ↑ السخاوی، محمد بن عبدالرحمان، فتح المغیث شرح الفیة الحدیث، بیروت، طبعة صلاح محمد محمد عویضه، ۱۴۱۷هـ، ج۳، ص۱۲۳. خطیب، محمد عجاج، اصول الحدیث، علومه و مصطلحه، بیروت۱۴۱۷هـ، ص۴۱۰.
- ↑ معرفة، محمد هادی، التمهید فی علوم القرآن، قم، مؤسسه فرهنگی انتشاراتی التمهید، ۱۳۸۸ش، ج۲، ص۱۷۴.
- ↑ محیسن، محمد سالم، معجم حفاظ القرآن عبر التاریخ، بیروت، دار الجیل، ۱۴۱۲هـ، ج۱، ص۱۲۰؛ الجرمی، إبراهیم، معجم علوم القرآن، دمشق، دار القلم، ۱۴۲۲هـ، ص۲۱۹.
- ↑ الخوئی، أبو القاسم، البیان فی تفسیر القرآن، قم، موسسة إحیاء آثار الامام الخوئی، الطبعة 1، ۱۴۳۰هـ، ص۱۴۰–۱۲۵.
- ↑ الطباطبائی، محمد حسین، قرآن در اسلام، قم، بوستان کتاب، ۱۳۸۸ش، ص۱۵۸.
- ↑ الزرقانی، محمد عبد العظیم، مناهل العرفان فی علوم القرآن، ترجمة: محسن آرمین، طهران، معهد العلوم الإنسانية والدراسات الثقافية، ۱۳۸۵ش، ص۵۱۹.
- ↑ البیلی، أحمد، الاختلاف بین القراءات، بیروت، دار الجیل، ص۸۰.
- ↑ الذهبی، محمد بن أحمد، معرفة القراء الکبار على الطبقات و الأعصار، استانبول - ترکیه، مرکز البحوث الإسلامیة التابع لوقف الدیانة الترکی، ۱۴۱۶هـ، ج۱، ص۱۹۷.
- ↑ الزرقانی، محمد عبد العظیم، مناهل العرفان فی علوم القرآن، ترجمة: محسن آرمین، طهران، معهد العلوم الإنسانية والدراسات الثقافية، ۱۳۸۵ش، ص۵۲۱.
- ↑ الدانی، عثمان بن سعید، جامع البیان فی القراءات السبع، الشارقة - الإمارات المتحدة، جامعة الشارقة، کلیة الدراسات العلیا و البحث العلمی، ۱۴۲۸هـ، ج۱، ص۱۹۲.
- ↑ العقرباوی، زیدان محمود، المرشد فی علم التجوید، دار الفرقان- عمان، ۱۴۲۷هـ، ج۲، ص۸۴.
- ↑ الزرقانی، محمد عبد العظیم، مناهل العرفان فی علوم القرآن، ترجمة: محسن آرمین، طهران، معهد العلوم الإنسانية والدراسات الثقافية، ۱۳۸۵ش، ص۵۲۳.
- ↑ تعدى إلى الأعلى ل: ٢٥٫٠ ٢٥٫١ الزرقانی، محمد عبد العظیم، مناهل العرفان فی علوم القرآن، ترجمة: محسن آرمین، طهران، معهد العلوم الإنسانية والدراسات الثقافية، ۱۳۸۵ش، ص۵۲۴.
- ↑ الزرقانی، محمد عبد العظیم، مناهل العرفان فی علوم القرآن، ترجمة: محسن آرمین، طهران، معهد العلوم الإنسانية والدراسات الثقافية، ۱۳۸۵ش، ص۵۲۶.
- ↑ علامی، أبو الفضل، پژوهشی در علم تجوید، قم، یاقوت، ۱۳۸۱ش، ص۲۸.
- ↑ معرفة، محمد هادی، تاریخ قرآن، طهران، سمت، ۱۳۸۲ش، ص۱۴۹.
- ↑ کمالی دزفولی، علی، شناخت قرآن، طهران، أسوة، ۱۳۷۰ش، ص۱۷۳.
- ↑ النجفی، محمد حسن، جواهر الکلام، ج۹، باب القراءة، ص۲۹۲.
- ↑ الخوئی، أبو القاسم، بیان در علوم و مسائل کلی قرآن، ترجمة: محمد صادق نجمی، طهران، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامی- منظمة الطباعة والنشر، ۱۳۸۲ش، ص۲۲۲.
- ↑ میرمحمدی زرندی، أبو الفضل، تاریخ و علوم قرآن، قم. مکتب النشر الإسلامی، ۱۳۷۷ش، ص۱۷۱.
- ↑ الطوسی، محمد، التبیان فی تفسیر القرآن، بیروت، دار إحیاء التراث العربی، الطبعة 1، بدون تاریخ، ج۱، ص۷.