الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مستخدم:Translation/ملعب3»
Translation (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
Translation (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
بعضٌ يتّهمون الإمام عليّاً (ع) باستخدام الخدعة في مواجهة "عمر بن عبد ودّ" ويَزعُمون أنه كذب! | |||
الخدعة في الحرب تُعتبر أداة استراتيجية تُستخدم لهزيمة العدو. وقد قال النبي محمد (ص): "الحرب خدعة"، وأكّد في مراحل مختلفة من المعارك جواز استخدام الخدعة. وعندما استخدم الإمام علي (ع) الذكاء والخدعة خلال معركة الخندق لهزيمة عمر بن عبد ودّ، كان هذا الفعل - الذي حظي بتأييد النبي (ص) - مثالًا على مشروعية الخدعة في الحرب لتحقيق أهداف مشروعة. | |||
==معركة الخندق== | |||
معركة "الخندق" أو "غزوة الأحزاب"، هي إحدى معارك رسول الله (ص) ضد المشركين والأحزاب المعادية، وقد وقعت في السنة الخامسة للهجرة غرب المدينة المنورة. سُمّيت بـ"الخندق" بسبب الحفر الذي حفره المسلمون حول المدينة، وبـ"الأحزاب" بسبب تحالف الفصائل المشركة المختلفة وتعاون اليهود الداخليين معهم. | |||
عبد | في هذه المعركة، حوصرت المدينة لأكثر من عشرين يومًا دون وقوع قتال، حتى تمكن بعض مقاتلي المشركين مثل عمر بن عبد ودّ وعكرمة بن أبي جهل من عبور الخندق وطلب المبارزة. وعندما طلب عمر بن عبد ودّ المبارزة ثلاث مرات، لم يُجبه أحد إلا الإمام علي (ع). وعندما خرج علي (ع) لمواجهته، أعطاه النبي (ص) سيفه، وربط له العمامة، ودعا الله له بالنصر، وقال كلمته التاريخية: | ||
"بَرَزَ الْإِيمَانُ كُلُّهُ إِلَى الشِّرْكِ كُلِّهِ" (كل الإيمان واجه كل الشرك). | |||
ردّد عمر بن عبد ودّ بعض الأبيات ثم قال: "لا أرغب في قتلك!"، فأجابه الإمام علي (ع): "لكنّي أرغب في قتلك!". فغضب عمر ونزل عن فرسه، وخلع غطاء وجهه، واشتبك مع الإمام علي (ع) حتى قتله. | |||
==الخدعة في الحرب: /////تعريفها وحكمها== | |||
//// | |||
الخدعة هي ما يُستخدم لخداع الآخر. وفي الحرب، تُعتبر أداة لهزيمة العدو وتكتيكًا لإلحاق أشد الضربات به. وفي الصراعات العسكرية، يحاول كل طرف هزيمة العدو وإجباره على الاستسلام من خلال اتباع سياسات خادعة. منذ الماضي البعيد وحتى الوقت الحاضر، كان الخداع العسكري يستخدم على نطاق واسع في الحروب. | |||
ذكر المسعودي في كتابه مروج الذهب: | |||
"ثم إخباره(ص) عن الحرب وقوله « الحرب خدعَة » فعلم بهذا اللفظ اليسير والكلام الوجيز أنّ آخر مكايد الحرب القتال بالسيف، إذ كان بدؤها خدعة، كما قال عليه السلام، وهذا يعرفه كل ذي رأي صحيح وذي رياسة وسياسة." | |||
== | من الناحية الفقهية، فإنّ جواز الخدعة في الحرب أمر مُجمع عليه. فقد كتب العلاّمة الحلي في "تذكرة الفقهاء": | ||
"الخدعة في الحرب جائزة، ويجوز للمقاتل أن يخدع خصمه ليقضي عليه، وهذا إجماع." | |||
==خدعة الإمام علي (ع) لعمر بن عبد ودّ== | |||
في أحد المصادر الروائية، وردت رواية تفصيلية عن هذه الواقعة، حيث ذكرت أن الإمام علي (ع) استخدم خدعةً أثناء القتال: | |||
كان | «مر أمير المؤمنين يهرول في مشيه ... فقال له عمرو من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله وختنه فقال: والله ان أباك كان لي صديقا قديما واني اكره أن أقتلك ما آمن ابن عمك حين بعثك إلي ان أختطفك برمحي هذا فأتركك شائلا بين السماء والارض لا حي ولا ميت، فقال له أمير المؤمنين : قد علم ابن عمي انك ان قتلتني دخلت الجنة وأنت في النار وان قتلتك فأنت في النار وأنا في الجنة، فقال عمرو وكلتاهما لك يا علي؟ تلك إذا قسمة ضيزى، قال علي دع هذا يا عمر واني سمعت منك وانت متعلق بأستار الكعبة تقول لا يعرضن علي أحد في الحرب ثلاث خصال إلا أجبته إلى واحدة منها وأنا أعرض عليك ثلاث خصال فأجبني إلى واحدة قال: هات يا علي ! قال: أحدها تشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله، قال: نح عني هذه فاسأل الثانية، فقال أن ترجع وترد هذا الجيش عن رسول الله فان يك صادقا فانتم أعلى به عينا وان يك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره، فقال: إذا لا تتحدث نساء قريش بذلك ولا تنشد الشعراء في أشعارها اني جبنت ورجعت على عقبي من الحرب وخذلت قوما رأسوني عليهم؟ فقال أمير المؤمنين : فالثالثة ان تنزل إلي فانك راكب وأنا راجل حتى أنا بذك فوثب عن فرسه وعرقبه وقال هذه خصلة ما ظننت ان احدا من العرب يسومني عليها ثم بدا فضرب أمير المؤمنين بالسيف على راسه فالقاه امير المؤمنين بدرقته فقطعها وثبت السيف على رأسه، فقال له علي يا عمرو أما كفاك اني بارزتك وانت فارس العرب حتى استعنت علي بظهير؟ فالتفت عمرو إلى خلفه فضربه أمير المؤمنين مسرعا على ساقيه قطعهما جميعا وارتفعت بينهما عجاجة فقال المنافقون قتل علي بن ابي طالب، ثم انكشف العجاجة فنظروا فاذا امير المؤمنين على صدره قد أخذ بلحيته يريد ان يذبحه فذبحه ثم اخذ رأسه وأقبل إلى رسول الله 6 والدماء تسيل على رأسه من ضربة عمرو وسيفه يقطر منه الدم وهو يقول والرأس بيده: | ||
:::أنا علي وابن عبدالمطلب الموت خير للفتى من الهرب | |||
فقال رسول الله يا علي ماكرته؟ قال: نعم يا رسول الله الحرب خديعة | |||
==ملاحظات حول هذه الروایة== | |||
من المهم الانتباه إلى عدة نقاط فيما يتعلق بهذا التقرير: | |||
* تُعد الحرب النفسية أحد العناصر المهمة في الصراع مع العدو، وهي تعتمد على الخدع والمبالغات وما شابه ذلك. وبما أن هذا الخداع يهدف إلى تحقيق غاية أهم، فلا ينبغي مساواته بالكذب الذي يُقال لمصالح شخصية أو جماعية غير مشروعة. | |||
وهناک روایات أخرى فی هذا الموضوع: | |||
قال النبي محمد (ص): "الحرب خدعة" [23]. | |||
روى ابن عباس أن النبي (ص) أرسل أحد أصحابه لقتل رجل يهودي، فقال الصحابي: "يا رسول الله، لن أستطيع ذلك إلا إذا أطلقت يدي". فأجابه النبي (ص): "إن الحرب خدعة، فافعل ما شئت" [24]. | |||
روى عدي بن حاتم أن الإمام علي (ع) كان يرفع صوته أثناء مواجهة معاوية في صفين ليسمعه أصحابه، قائلاً: "والله لأقتلن معاوية وأصحابه!"، ثم يخفض صوته ويقول: "إن شاء الله!". عندما سأله عدي بن حاتم عن سبب ذلك، أجاب الإمام (ع): "الحرب خدعة، ولم أكذب على المؤمنين. إنما أردت أن أثير حماسة أصحابي كي لا يتراخوا في القتال. وسيستفيد الأذكياء منهم من هذا الكلام إن شاء الله" [25]. | |||
قال الإمام جعفر الصادق (ع): "إن الله لا يعذب من يخادع عدوه في الحرب ويكذب عليه" [26]. | |||
* ورد في بعض الروايات أن عمرو بن عبدود لم يكن وحده في المبارزة، بل كان معه عدد من المقاتلين، منهم: هبيرة بن أبي وهب، وضرار بن خطاب، [27] وعكرمة بن أبي جهل، ومرداس الفهري. لذلك، فإن كلام الإمام علي (ع) أثناء المبارزة عندما قال: "لقد أحضرت معي رجالاً" لم يكن كذبًا، بل كان جزءًا من الخدعة الحربية [28][29]. | |||
* لم يعترض النبي (ص) على تصرف الإمام علي (ع) أثناء المبارزة. وقد اعتبر علماء المسلمين عدم اعتراض النبي (ص) دليلاً على صحة فعل الإمام علي (ع) وموافقته لمبادئ الحرب المشروعة. | |||
مراجعة ١٨:٤١، ٢٦ مارس ٢٠٢٥
بعضٌ يتّهمون الإمام عليّاً (ع) باستخدام الخدعة في مواجهة "عمر بن عبد ودّ" ويَزعُمون أنه كذب!
الخدعة في الحرب تُعتبر أداة استراتيجية تُستخدم لهزيمة العدو. وقد قال النبي محمد (ص): "الحرب خدعة"، وأكّد في مراحل مختلفة من المعارك جواز استخدام الخدعة. وعندما استخدم الإمام علي (ع) الذكاء والخدعة خلال معركة الخندق لهزيمة عمر بن عبد ودّ، كان هذا الفعل - الذي حظي بتأييد النبي (ص) - مثالًا على مشروعية الخدعة في الحرب لتحقيق أهداف مشروعة.
معركة الخندق
معركة "الخندق" أو "غزوة الأحزاب"، هي إحدى معارك رسول الله (ص) ضد المشركين والأحزاب المعادية، وقد وقعت في السنة الخامسة للهجرة غرب المدينة المنورة. سُمّيت بـ"الخندق" بسبب الحفر الذي حفره المسلمون حول المدينة، وبـ"الأحزاب" بسبب تحالف الفصائل المشركة المختلفة وتعاون اليهود الداخليين معهم.
في هذه المعركة، حوصرت المدينة لأكثر من عشرين يومًا دون وقوع قتال، حتى تمكن بعض مقاتلي المشركين مثل عمر بن عبد ودّ وعكرمة بن أبي جهل من عبور الخندق وطلب المبارزة. وعندما طلب عمر بن عبد ودّ المبارزة ثلاث مرات، لم يُجبه أحد إلا الإمام علي (ع). وعندما خرج علي (ع) لمواجهته، أعطاه النبي (ص) سيفه، وربط له العمامة، ودعا الله له بالنصر، وقال كلمته التاريخية: "بَرَزَ الْإِيمَانُ كُلُّهُ إِلَى الشِّرْكِ كُلِّهِ" (كل الإيمان واجه كل الشرك).
ردّد عمر بن عبد ودّ بعض الأبيات ثم قال: "لا أرغب في قتلك!"، فأجابه الإمام علي (ع): "لكنّي أرغب في قتلك!". فغضب عمر ونزل عن فرسه، وخلع غطاء وجهه، واشتبك مع الإمام علي (ع) حتى قتله.
الخدعة في الحرب: /////تعريفها وحكمها
//// الخدعة هي ما يُستخدم لخداع الآخر. وفي الحرب، تُعتبر أداة لهزيمة العدو وتكتيكًا لإلحاق أشد الضربات به. وفي الصراعات العسكرية، يحاول كل طرف هزيمة العدو وإجباره على الاستسلام من خلال اتباع سياسات خادعة. منذ الماضي البعيد وحتى الوقت الحاضر، كان الخداع العسكري يستخدم على نطاق واسع في الحروب.
ذكر المسعودي في كتابه مروج الذهب: "ثم إخباره(ص) عن الحرب وقوله « الحرب خدعَة » فعلم بهذا اللفظ اليسير والكلام الوجيز أنّ آخر مكايد الحرب القتال بالسيف، إذ كان بدؤها خدعة، كما قال عليه السلام، وهذا يعرفه كل ذي رأي صحيح وذي رياسة وسياسة."
من الناحية الفقهية، فإنّ جواز الخدعة في الحرب أمر مُجمع عليه. فقد كتب العلاّمة الحلي في "تذكرة الفقهاء": "الخدعة في الحرب جائزة، ويجوز للمقاتل أن يخدع خصمه ليقضي عليه، وهذا إجماع."
خدعة الإمام علي (ع) لعمر بن عبد ودّ
في أحد المصادر الروائية، وردت رواية تفصيلية عن هذه الواقعة، حيث ذكرت أن الإمام علي (ع) استخدم خدعةً أثناء القتال:
«مر أمير المؤمنين يهرول في مشيه ... فقال له عمرو من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله وختنه فقال: والله ان أباك كان لي صديقا قديما واني اكره أن أقتلك ما آمن ابن عمك حين بعثك إلي ان أختطفك برمحي هذا فأتركك شائلا بين السماء والارض لا حي ولا ميت، فقال له أمير المؤمنين : قد علم ابن عمي انك ان قتلتني دخلت الجنة وأنت في النار وان قتلتك فأنت في النار وأنا في الجنة، فقال عمرو وكلتاهما لك يا علي؟ تلك إذا قسمة ضيزى، قال علي دع هذا يا عمر واني سمعت منك وانت متعلق بأستار الكعبة تقول لا يعرضن علي أحد في الحرب ثلاث خصال إلا أجبته إلى واحدة منها وأنا أعرض عليك ثلاث خصال فأجبني إلى واحدة قال: هات يا علي ! قال: أحدها تشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله، قال: نح عني هذه فاسأل الثانية، فقال أن ترجع وترد هذا الجيش عن رسول الله فان يك صادقا فانتم أعلى به عينا وان يك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره، فقال: إذا لا تتحدث نساء قريش بذلك ولا تنشد الشعراء في أشعارها اني جبنت ورجعت على عقبي من الحرب وخذلت قوما رأسوني عليهم؟ فقال أمير المؤمنين : فالثالثة ان تنزل إلي فانك راكب وأنا راجل حتى أنا بذك فوثب عن فرسه وعرقبه وقال هذه خصلة ما ظننت ان احدا من العرب يسومني عليها ثم بدا فضرب أمير المؤمنين بالسيف على راسه فالقاه امير المؤمنين بدرقته فقطعها وثبت السيف على رأسه، فقال له علي يا عمرو أما كفاك اني بارزتك وانت فارس العرب حتى استعنت علي بظهير؟ فالتفت عمرو إلى خلفه فضربه أمير المؤمنين مسرعا على ساقيه قطعهما جميعا وارتفعت بينهما عجاجة فقال المنافقون قتل علي بن ابي طالب، ثم انكشف العجاجة فنظروا فاذا امير المؤمنين على صدره قد أخذ بلحيته يريد ان يذبحه فذبحه ثم اخذ رأسه وأقبل إلى رسول الله 6 والدماء تسيل على رأسه من ضربة عمرو وسيفه يقطر منه الدم وهو يقول والرأس بيده:
- أنا علي وابن عبدالمطلب الموت خير للفتى من الهرب
فقال رسول الله يا علي ماكرته؟ قال: نعم يا رسول الله الحرب خديعة
ملاحظات حول هذه الروایة
من المهم الانتباه إلى عدة نقاط فيما يتعلق بهذا التقرير:
- تُعد الحرب النفسية أحد العناصر المهمة في الصراع مع العدو، وهي تعتمد على الخدع والمبالغات وما شابه ذلك. وبما أن هذا الخداع يهدف إلى تحقيق غاية أهم، فلا ينبغي مساواته بالكذب الذي يُقال لمصالح شخصية أو جماعية غير مشروعة.
وهناک روایات أخرى فی هذا الموضوع:
قال النبي محمد (ص): "الحرب خدعة" [23]. روى ابن عباس أن النبي (ص) أرسل أحد أصحابه لقتل رجل يهودي، فقال الصحابي: "يا رسول الله، لن أستطيع ذلك إلا إذا أطلقت يدي". فأجابه النبي (ص): "إن الحرب خدعة، فافعل ما شئت" [24]. روى عدي بن حاتم أن الإمام علي (ع) كان يرفع صوته أثناء مواجهة معاوية في صفين ليسمعه أصحابه، قائلاً: "والله لأقتلن معاوية وأصحابه!"، ثم يخفض صوته ويقول: "إن شاء الله!". عندما سأله عدي بن حاتم عن سبب ذلك، أجاب الإمام (ع): "الحرب خدعة، ولم أكذب على المؤمنين. إنما أردت أن أثير حماسة أصحابي كي لا يتراخوا في القتال. وسيستفيد الأذكياء منهم من هذا الكلام إن شاء الله" [25]. قال الإمام جعفر الصادق (ع): "إن الله لا يعذب من يخادع عدوه في الحرب ويكذب عليه" [26].
- ورد في بعض الروايات أن عمرو بن عبدود لم يكن وحده في المبارزة، بل كان معه عدد من المقاتلين، منهم: هبيرة بن أبي وهب، وضرار بن خطاب، [27] وعكرمة بن أبي جهل، ومرداس الفهري. لذلك، فإن كلام الإمام علي (ع) أثناء المبارزة عندما قال: "لقد أحضرت معي رجالاً" لم يكن كذبًا، بل كان جزءًا من الخدعة الحربية [28][29].
- لم يعترض النبي (ص) على تصرف الإمام علي (ع) أثناء المبارزة. وقد اعتبر علماء المسلمين عدم اعتراض النبي (ص) دليلاً على صحة فعل الإمام علي (ع) وموافقته لمبادئ الحرب المشروعة.