الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مستخدم:Translation/ملعب3»

    من ويكي باسخ
    (أنشأ الصفحة ب'هذه الصفحة لمستخدم شكريان')
     
    لا ملخص تعديل
     
    (٦٢ مراجعة متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة)
    سطر ١: سطر ١:
    هذه الصفحة لمستخدم شكريان
    الترجمة الدقيقة دون تلخيص أو عنونة:
     
    من كان النبي يحيى (ع)؟
     
    النبي يحيى (ع) هو أحد أنبياء الله وابن النبي زكريا (ع). وُلِد يحيى عندما دعا والده زكريا في شيخوخته أن يرزقه الله ولدًا، فاستجاب الله دعاءه ووُلد يحيى. وقد سمّاه الله باسم "يحيى"، وذُكر اسمه خمس مرات في القرآن. وردت في القرآن ألقاب وصفات خاصة به، منها ما جاء في سورة مريم أن يحيى أُوتي التقوى والطهارة والحكمة.
     
    يُعرِّف القرآن هذا النبي بأنه مصدّق لعيسى (ع)، وقد أُعطي "الحُكم" في صغره. اختلف المفسرون في تفسير "الحُكم"، فبعضهم فسّره بالنبوة، وبعضهم بالعلم والحكمة.
     
    ==السيرة الذاتية==
    يحيى (ع) هو ابن النبي زكريا (ع)، وكان أيضًا ابن خالة النبي عيسى (ع). ووفقًا لبعض المؤرخين، وُلد يحيى بعد ستة أشهر من الحمل. ورد في قصة ميلاده أن زكريا (ع) كان عقيماً وقد بلغ سن الشيخوخة، فدعا الله أن يرزقه ولدًا، فبشّره الله بيحيى.[1]
     
    يحيى هو "يوحنا المعمدان" في التقليد المسيحي. ويعتقد بعض الباحثين أن "يحيى" هو الصورة المحرّفة لاسم "يوحنا".[2]
     
    ==مكانته==
    يعتبر يحيى عند المسيحيين ابن خالة عيسى (ع) ومُعَمِّده، حيث عمّد عيسى وآمن به عندما أعلن نبوته. يُدعى يحيى في اللغات الأوروبية "جان" أو "جون".[3] ورد في الإنجيل أن يحيى (ع) نبي الله الذي صدّق المسيح (ع)، لكن هناك تناقضات في هذه المسائل في الأناجيل الأربعة. توجد ثلاث قضايا رئيسية في تصديق يحيى لعيسى (ع) في الأناجيل: أولاً، أن يحيى (ع) وصف المسيح (ع) بأنه "ابن الله"، ثانيًا، أنه سمّاه "حمل الله" الذي يُضحّى به لغفران خطايا الناس، وثالثًا، أنه أرسل تلاميذه للتحقق من المسيح (ع) وكأنه لم يكن يعرفه. اشتهر يحيى (ع) في الأناجيل بـ"المعمدان"، ونُسب إليه تعميد الناس. وقد مدحه المسيح (ع) مرارًا، ووردت إشارات إلى زهده وتقواه ومواعظه في الأناجيل.[4]
     
    اعتبر الصوفية حال يحيى نموذجًا للكمال في الزهد والتقشف، ودليلاً على الانغماس في الخوف والحزن في السير إلى الله. قال ابن عربي: "لما كان يحيى موصوفًا بالانقباض والخوف والخشية، ومشهورًا بالحزن والبكاء والرهبة، لذلك كان يحيى مظهرًا لصفات جلال الله".[5]
     
    اشتهر بين الأنبياء أن يحيى (ع) كان يتأثر بالموعظة بسرعة شديدة، ويظهر عليه انفعال واضطراب عميق. حتى أن زكريا (ع) كان إذا أراد وعظ بني إسرائيل، ينظر يمينًا ويسارًا، فإذا كان يحيى حاضرًا، لم يذكر اسم الجنة أو النار.[6]
     
    الصابئة المندائيون، الذين ذُكر اسمهم ثلاث مرات في القرآن، هم أتباع يحيى (ع)، ويعتبر التعميد من طقوسهم الرئيسية.[7] وقال العلامة الطباطبائي: "لعل الصابئة الموحّدين هم أتباع يحيى".[8]
     
    ==يحيى في القرآن==
    ذكر القرآن أن زكريا (ع) دعا في شيخوخته أن يرزقه الله ولدًا طاهرًا زكيًا،[9] فاستجاب الله دعاءه وسمّى الولد "يحيى".[10] وكان زكريا زوج خالة مريم (ع)، ويُقال إنه عندما رأى كراماتها،[11] انبعث فيه الأمل فدعا الله أن يرزقه ولدًا.[12]
     
    ===الأوصاف والألقاب===
    ذُكر اسم يحيى في القرآن (سورة الأنعام، الآية 86) مع موسى (ع)، وهارون، وزكريا، وعيسى (ع)، وإلياس، وعدد من الأنبياء الآخرين، كأنبياء صالحين.[13]
     
    في الآيات 12-15 من سورة مريم، ذُكرت عشر نعم أنعم الله بها على يحيى:
     
    1. "وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا" (منحناه الفطنة والحكمة في الصغر). 
    2. "وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا" (منحناه رحمة ومحبة تجاه الخلق). 
    3. "وَزَكَاةً" (منحناه طهارة الروح والعمل). 
    4. "وَكَانَ تَقِيًّا" (كان يتقي مخالفة أمر ربه). 
    5. "وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ" (كان بارًا بوالديه). 
    6. "وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا" (لم يكن متكبرًا عاصيًا). 
    7. "وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا" (السلام عليه يوم ولد، ويوم يموت، ويوم يبعث حيًا).[14]
     
    من الألقاب اللافتة التي وردت في القرآن عن يحيى كلمة "حَصُور"، التي ذُكرت مرة واحدة في الآية 39 من سورة آل عمران. "حَصُور" مشتقة من "الحَصْر" بمعنى "الحبس"، أي الذي يحبس نفسه عن الشهوات. وقد تُستخدم للإشارة إلى الامتناع عن الزواج. في القرآن، هذه الصفة ليحيى (ع) تدل على أعلى درجات العفة والطهارة، أو أنه -مثل عيسى (ع)- اضطر إلى العزوبة بسبب ظروف حياته وترحاله الدعوي. ويرجّح أن "حَصُور" تعني الزهد الشديد وترك شهوات الدنيا.[15] وقال بعضهم إن الكلمة تشير إلى التقوى الصارمة أو ضبط النفس.[16]
     
    ===مصدّقًا بكلمة من الله===
    من ألقاب يحيى في القرآن: "مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ" (آل عمران: 39)، أي أنه يصدّق "كلمة الله" (المسيح عيسى).[17] تشير العبارة إلى أن يحيى (ع) كان من دُعاة دين عيسى (ع)، والمقصود بـ"الكلمة" هنا هو عيسى (ع)، الذي وصفه القرآن في نفس السورة بأنه "كلمة الله".[18] كان يحيى أكبر من عيسى بستة أشهر، وكان أول من صدّق نبوته ودعا إليه، ولما كان مشهورًا بالزهد والطهارة، كان تأييده للمسيح (ع) ذا تأثير عميق في الناس.[19]
     
    ===إيتاؤه الحُكم في الصغر===
    ذكر القرآن أن يحيى أُعطي "الحُكم" في طفولته: "وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا" (مريم: 12). فُسّر "الحُكم" هنا بالفهم والعقل، أو بالحكمة، أو بمعرفة آداب الخدمة، أو بالفراسة الصادقة، أو حتى بالنبوة. يرى العلامة الطباطبائي أن "الحُكم" في القرآن ليس النبوة، وليس المقصود به معرفة آداب الخدمة أو الفراسة أو العقل، بل هو العلم بالمعارف الإلهية الحقيقية وكشف الحقائق الغيبية.[20] وقال بعض المفسرين إنه فهم التوراة والتفقه في الدين،[22] بينما رأى آخرون أنه يعني الحكمة والعقل والفهم الصحيح للشريعة.[23] أما الطبرسي ففسّره بالنبوة.[24]
     
    ===الكتاب===
    خاطب القرآن يحيى بقوله: "يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ" (مريم: 12). المشهور بين المفسرين أن "الكتاب" هنا هو التوراة، بل ادّعى بعضهم الإجماع على ذلك. لكن البعض احتمل أن يكون ليحيى كتاب خاص به (مثل زبور داود)، لكن ليس كتابًا يشمل شريعة جديدة.[25] والمقصود بـ"أخذ الكتاب بقوة" هو العمل به بجد واجتهاد.[26]
     
    ===تشابه يحيى وعيسى===
    سمّى الله ابن زكريا "يحيى" (الذي يحيا)، وابن مريم "عيسى" (الذي يحيي). وُصف يحيى بأنه "كلمة"، وعيسى أيضًا وُصف بأنه "كلمة". أُعطي يحيى الحُكم في الصغر، وكذلك عيسى. وُصف يحيى بالمحبة الإلهية، وعيسى بالبرّ بأمه. دُعي يحيى إلى الزكاة، وعيسى أيضًا. سُلّم على يحيى في ثلاث حالات (يوم الولادة، والموت، والبعث)، وكذلك عيسى. وُصف يحيى بأنه "سيد"، وعيسى بأنه "وجيه عند الله". وُصف يحيى بأنه "حَصُور ونبي من الصالحين"، وكذلك عيسى. كل هذا تحقيقًا لدعاء زكريا الذي طلب ولدًا طيبًا وليًا مرضيًّا، ومنحه الله ما رأى من كرامات مريم (ع).[27]
     
    ==ضريح منسوب للنبي يحيى (ع) في الجامع الأموي بدمشق==
    ===استشهاده===
    لم يذكر القرآن شيئًا عن مقتل يحيى، لكن ورد في الأخبار والتفسيرات أن "هيرودس" ملك فلسطين، الذي كان مغرمًا بابنة أخيه "هيروديا"، أراد الزواج منها. فعارض يحيى (ع) هذا الزواج غير الشرعي صراحةً، فحقدت عليه المرأة ورأت فيه العقبة الكبرى، فاستغلت تأثيرها على عمها، وطلبت منه رأس يحيى هدية. فاستجاب الملك لطلبها، وسلّم لها رأس يحيى، لكنه ندم بعد ذلك على فعلته.[28]
     
    في بعض المصادر، اسم هذه المرأة "إيزابل"، زوجة الحاكم، التي أرادت تزويج ابنتها من زوج سابق بالحاكم، لكن يحيى عارض ذلك، فطلبت رأسه وقتلته بنفسها.[29]
     
    قال الإمام الحسين (ع) عن يحيى: "إن من دناءة الدنيا أن يُهدى رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل".[30]
     
    كتب الكاتب المسرحي الأيرلندي أوسكار وايلد (1854-1900م) مسرحية بعنوان "سالومي"، مقتبسة من قصة يحيى في العهد الجديد.

    المراجعة الحالية بتاريخ ٠٥:٤٥، ١ أبريل ٢٠٢٥

    الترجمة الدقيقة دون تلخيص أو عنونة:

    من كان النبي يحيى (ع)؟

    النبي يحيى (ع) هو أحد أنبياء الله وابن النبي زكريا (ع). وُلِد يحيى عندما دعا والده زكريا في شيخوخته أن يرزقه الله ولدًا، فاستجاب الله دعاءه ووُلد يحيى. وقد سمّاه الله باسم "يحيى"، وذُكر اسمه خمس مرات في القرآن. وردت في القرآن ألقاب وصفات خاصة به، منها ما جاء في سورة مريم أن يحيى أُوتي التقوى والطهارة والحكمة.

    يُعرِّف القرآن هذا النبي بأنه مصدّق لعيسى (ع)، وقد أُعطي "الحُكم" في صغره. اختلف المفسرون في تفسير "الحُكم"، فبعضهم فسّره بالنبوة، وبعضهم بالعلم والحكمة.

    السيرة الذاتية

    يحيى (ع) هو ابن النبي زكريا (ع)، وكان أيضًا ابن خالة النبي عيسى (ع). ووفقًا لبعض المؤرخين، وُلد يحيى بعد ستة أشهر من الحمل. ورد في قصة ميلاده أن زكريا (ع) كان عقيماً وقد بلغ سن الشيخوخة، فدعا الله أن يرزقه ولدًا، فبشّره الله بيحيى.[1]

    يحيى هو "يوحنا المعمدان" في التقليد المسيحي. ويعتقد بعض الباحثين أن "يحيى" هو الصورة المحرّفة لاسم "يوحنا".[2]

    مكانته

    يعتبر يحيى عند المسيحيين ابن خالة عيسى (ع) ومُعَمِّده، حيث عمّد عيسى وآمن به عندما أعلن نبوته. يُدعى يحيى في اللغات الأوروبية "جان" أو "جون".[3] ورد في الإنجيل أن يحيى (ع) نبي الله الذي صدّق المسيح (ع)، لكن هناك تناقضات في هذه المسائل في الأناجيل الأربعة. توجد ثلاث قضايا رئيسية في تصديق يحيى لعيسى (ع) في الأناجيل: أولاً، أن يحيى (ع) وصف المسيح (ع) بأنه "ابن الله"، ثانيًا، أنه سمّاه "حمل الله" الذي يُضحّى به لغفران خطايا الناس، وثالثًا، أنه أرسل تلاميذه للتحقق من المسيح (ع) وكأنه لم يكن يعرفه. اشتهر يحيى (ع) في الأناجيل بـ"المعمدان"، ونُسب إليه تعميد الناس. وقد مدحه المسيح (ع) مرارًا، ووردت إشارات إلى زهده وتقواه ومواعظه في الأناجيل.[4]

    اعتبر الصوفية حال يحيى نموذجًا للكمال في الزهد والتقشف، ودليلاً على الانغماس في الخوف والحزن في السير إلى الله. قال ابن عربي: "لما كان يحيى موصوفًا بالانقباض والخوف والخشية، ومشهورًا بالحزن والبكاء والرهبة، لذلك كان يحيى مظهرًا لصفات جلال الله".[5]

    اشتهر بين الأنبياء أن يحيى (ع) كان يتأثر بالموعظة بسرعة شديدة، ويظهر عليه انفعال واضطراب عميق. حتى أن زكريا (ع) كان إذا أراد وعظ بني إسرائيل، ينظر يمينًا ويسارًا، فإذا كان يحيى حاضرًا، لم يذكر اسم الجنة أو النار.[6]

    الصابئة المندائيون، الذين ذُكر اسمهم ثلاث مرات في القرآن، هم أتباع يحيى (ع)، ويعتبر التعميد من طقوسهم الرئيسية.[7] وقال العلامة الطباطبائي: "لعل الصابئة الموحّدين هم أتباع يحيى".[8]

    يحيى في القرآن

    ذكر القرآن أن زكريا (ع) دعا في شيخوخته أن يرزقه الله ولدًا طاهرًا زكيًا،[9] فاستجاب الله دعاءه وسمّى الولد "يحيى".[10] وكان زكريا زوج خالة مريم (ع)، ويُقال إنه عندما رأى كراماتها،[11] انبعث فيه الأمل فدعا الله أن يرزقه ولدًا.[12]

    الأوصاف والألقاب

    ذُكر اسم يحيى في القرآن (سورة الأنعام، الآية 86) مع موسى (ع)، وهارون، وزكريا، وعيسى (ع)، وإلياس، وعدد من الأنبياء الآخرين، كأنبياء صالحين.[13]

    في الآيات 12-15 من سورة مريم، ذُكرت عشر نعم أنعم الله بها على يحيى:

    1. "وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا" (منحناه الفطنة والحكمة في الصغر). 2. "وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا" (منحناه رحمة ومحبة تجاه الخلق). 3. "وَزَكَاةً" (منحناه طهارة الروح والعمل). 4. "وَكَانَ تَقِيًّا" (كان يتقي مخالفة أمر ربه). 5. "وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ" (كان بارًا بوالديه). 6. "وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا" (لم يكن متكبرًا عاصيًا). 7. "وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا" (السلام عليه يوم ولد، ويوم يموت، ويوم يبعث حيًا).[14]

    من الألقاب اللافتة التي وردت في القرآن عن يحيى كلمة "حَصُور"، التي ذُكرت مرة واحدة في الآية 39 من سورة آل عمران. "حَصُور" مشتقة من "الحَصْر" بمعنى "الحبس"، أي الذي يحبس نفسه عن الشهوات. وقد تُستخدم للإشارة إلى الامتناع عن الزواج. في القرآن، هذه الصفة ليحيى (ع) تدل على أعلى درجات العفة والطهارة، أو أنه -مثل عيسى (ع)- اضطر إلى العزوبة بسبب ظروف حياته وترحاله الدعوي. ويرجّح أن "حَصُور" تعني الزهد الشديد وترك شهوات الدنيا.[15] وقال بعضهم إن الكلمة تشير إلى التقوى الصارمة أو ضبط النفس.[16]

    مصدّقًا بكلمة من الله

    من ألقاب يحيى في القرآن: "مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ" (آل عمران: 39)، أي أنه يصدّق "كلمة الله" (المسيح عيسى).[17] تشير العبارة إلى أن يحيى (ع) كان من دُعاة دين عيسى (ع)، والمقصود بـ"الكلمة" هنا هو عيسى (ع)، الذي وصفه القرآن في نفس السورة بأنه "كلمة الله".[18] كان يحيى أكبر من عيسى بستة أشهر، وكان أول من صدّق نبوته ودعا إليه، ولما كان مشهورًا بالزهد والطهارة، كان تأييده للمسيح (ع) ذا تأثير عميق في الناس.[19]

    إيتاؤه الحُكم في الصغر

    ذكر القرآن أن يحيى أُعطي "الحُكم" في طفولته: "وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا" (مريم: 12). فُسّر "الحُكم" هنا بالفهم والعقل، أو بالحكمة، أو بمعرفة آداب الخدمة، أو بالفراسة الصادقة، أو حتى بالنبوة. يرى العلامة الطباطبائي أن "الحُكم" في القرآن ليس النبوة، وليس المقصود به معرفة آداب الخدمة أو الفراسة أو العقل، بل هو العلم بالمعارف الإلهية الحقيقية وكشف الحقائق الغيبية.[20] وقال بعض المفسرين إنه فهم التوراة والتفقه في الدين،[22] بينما رأى آخرون أنه يعني الحكمة والعقل والفهم الصحيح للشريعة.[23] أما الطبرسي ففسّره بالنبوة.[24]

    الكتاب

    خاطب القرآن يحيى بقوله: "يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ" (مريم: 12). المشهور بين المفسرين أن "الكتاب" هنا هو التوراة، بل ادّعى بعضهم الإجماع على ذلك. لكن البعض احتمل أن يكون ليحيى كتاب خاص به (مثل زبور داود)، لكن ليس كتابًا يشمل شريعة جديدة.[25] والمقصود بـ"أخذ الكتاب بقوة" هو العمل به بجد واجتهاد.[26]

    تشابه يحيى وعيسى

    سمّى الله ابن زكريا "يحيى" (الذي يحيا)، وابن مريم "عيسى" (الذي يحيي). وُصف يحيى بأنه "كلمة"، وعيسى أيضًا وُصف بأنه "كلمة". أُعطي يحيى الحُكم في الصغر، وكذلك عيسى. وُصف يحيى بالمحبة الإلهية، وعيسى بالبرّ بأمه. دُعي يحيى إلى الزكاة، وعيسى أيضًا. سُلّم على يحيى في ثلاث حالات (يوم الولادة، والموت، والبعث)، وكذلك عيسى. وُصف يحيى بأنه "سيد"، وعيسى بأنه "وجيه عند الله". وُصف يحيى بأنه "حَصُور ونبي من الصالحين"، وكذلك عيسى. كل هذا تحقيقًا لدعاء زكريا الذي طلب ولدًا طيبًا وليًا مرضيًّا، ومنحه الله ما رأى من كرامات مريم (ع).[27]

    ضريح منسوب للنبي يحيى (ع) في الجامع الأموي بدمشق

    استشهاده

    لم يذكر القرآن شيئًا عن مقتل يحيى، لكن ورد في الأخبار والتفسيرات أن "هيرودس" ملك فلسطين، الذي كان مغرمًا بابنة أخيه "هيروديا"، أراد الزواج منها. فعارض يحيى (ع) هذا الزواج غير الشرعي صراحةً، فحقدت عليه المرأة ورأت فيه العقبة الكبرى، فاستغلت تأثيرها على عمها، وطلبت منه رأس يحيى هدية. فاستجاب الملك لطلبها، وسلّم لها رأس يحيى، لكنه ندم بعد ذلك على فعلته.[28]

    في بعض المصادر، اسم هذه المرأة "إيزابل"، زوجة الحاكم، التي أرادت تزويج ابنتها من زوج سابق بالحاكم، لكن يحيى عارض ذلك، فطلبت رأسه وقتلته بنفسها.[29]

    قال الإمام الحسين (ع) عن يحيى: "إن من دناءة الدنيا أن يُهدى رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل".[30]

    كتب الكاتب المسرحي الأيرلندي أوسكار وايلد (1854-1900م) مسرحية بعنوان "سالومي"، مقتبسة من قصة يحيى في العهد الجديد.