الفرق بين المراجعتين لصفحة: «كورونا والتعارض بين العلم والدين»
لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
سطر ٤٣: | سطر ٤٣: | ||
[[fa:کرونا و تعارض علم و دین]] | [[fa:کرونا و تعارض علم و دین]] | ||
[[es:Coronavirus y el conflicto entre la ciencia y la religión]] | [[es:Coronavirus y el conflicto entre la ciencia y la religión]] | ||
[[ps:کورونا او د ساینس او دین ترمنځ تعارض]] |
مراجعة ٠٩:١٩، ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٢
لطالما كان علماء الدين يطرحون المشاكل الاجتماعية والمصائب التي تصیب الانسان من خطايا الإنسان أو الاختبارات الإلهية؛ لكن فيروس كورونا وانتشاره الخطير جعلهم ينسون جمیع التفسيرات الماضية والاستسلام لرأي الأطباء وحتى إغلاق جميع الأماكن والطقوس الدينية لتجنب هذا المرض!
الإسلام لا يتعارض مع العقل والعلم الصحيح بل يكمله؛ إن النصيحة باخذ الاحتیاطات الصحية والطبية لا علاقة لها بالالتزام بالشؤون الروحية والتوبة والرجوع و كلاهما معا يمكنان أن يحلا المشاكل؛ و الدين الذي يقدم الذنوب كسبب لبعض الأمراض والمشاكل البشرية هو نفسه الذي يعتبر إهمال الأمور الصحية والطبية غير مرغوب فيه بل محرم ويؤكد دوره في حدوث المرض والفقر.
إن نصيحة علماء الدين بمراعاة الجوانب الصحية بالإضافة إلى كونها نصيحة للدين نفسه ناشئة عن النظرة الشاملة للأحداث العالمية؛ لا تقتصر أسباب المرض و الصحة البدنية و العقلية على الأسباب المادية؛ الإسلام لا ينفي الأسباب المادية و لكن بالإضافة إلى الأسباب المادية فإنه یلفت انتباه الناس إلى الأسباب الروحية أيضًا.
كل ظاهرة في هذا العالم لها أسباب مادية وروحية؛ لمرض وصحة البشر أسباب وسياقات مادية وروحية خاصة بهم؛ کما انه يمكن أن يكون حدوث الأمراض في الأفراد والمجتمعات ماديًا یمکن ان یکون روحيًا؛ الأسباب الروحية هي أسباب بعيدة عن الظواهر و الأسباب المادية هي أسباب قريبة؛ تعمل الأسباب البعيدة دائمًا من خلال التأثير على الأسباب القريبة وتسبب الحوادث.
اشکالیة التعارض بين العلم والدين
وهذة الاشکالیة من أمثلة الشبهات في التعارض بين العلم والدين؛ التعارض بين العلم والدين هو أحد الأفكار الفلسفية والثقافية للعالم الغربي التي لا يمكن تطبیقها علی الإسلام؛ إن أسس وتعاليم الإسلام تنفي أي تعارض مستمر وحقيقي بين العلم والدين على عكس الكنيسة المسيحية؛ من وجهة نظر الإسلام فإن الدين والعلم مكملان لبعضهما البعض وكل منهما جزء من حقيقة الوجود؛ لا ينفي أي من تعاليم الدين العلم الصحيح؛ و العلم التجريبي الصحيح و الموثوق لن ينفي أيًا من تعاليم الدين الصحيحة.
الأسباب المادية والروحية للعالم
يعتمد العالم الذي نعيش فيه على نظام العلیة؛ في هذا العالم لكل ظاهرة أسباب مادية وروحية؛ لمرض وصحة البشر أسباب و سياقات مادية وروحية خاصة بهم؛ وفقًا للعقل والدين والتجربة فإن الالتزام بالاحتیاطات الصحية و خلق الظروف الصحية يزيد من احتمالية الصحة ويقلل من الأمراض كما أن عدم الالتزام بهذة الاحتیاطات يزيد من احتمالية المرض و حدوث الخلل في الصحة الفردية والعامة؛ العلم الطبي هو إحد العلوم القديمة و العميقة الجذور للبشرية والذي نشأ بناءً على الخبرة البشرية والبحوث حول أسباب وعوامل وطرق علاج الأمراض و كذلك جودة الحفاظ على الصحة الجسدية و تحسينها وهو الآن كذلك يمر بفترة ازدهاره.
الإسلام ليس فقط غير مبال بعلم الطب والتغذية بل لعب دورًا مهمًا في تطوره؛ في القرون الأولى للإسلام كان العديد من الأطباء المشهورين من علماء الدين؛ ومع ذلك هل يمكن الادعاء بأن جميع الأمراض وعلامات التشخيص و طرق العلاج والأدوية قد تم اكتشافها وإدخالها عن طريق علم الطب فقط؟ هل يمكن الادعاء بأن سبب كل الأمراض الجسدية هو فقط الفيروسات والبكتيريا الضارة و أن الأمور الروحية والمعنوية لا تلعب دوراً في المرض الجسدي والصحة؟ مثل هذا الادعاء غير صحيح و سبب أو أسباب المشاكل الجسدية بالإضافة إلى كونها مادية قد تكون روحية و بسبب السلوك غير الأخلاقي وغير الشرعي للبشر.
الأسباب الروحية
الأسباب الروحية هي أسباب بعيدة عن الظواهر المادية والأسباب المادية هي أسباب قريبة؛ تعمل الأسباب البعيدة دائمًا من خلال التأثير على الأسباب القريبة وتسبب الاحداث؛ إن نصيحة علماء الدين بمراعاة الجوانب الصحية بالإضافة إلى كونها نصيحة للدين نفسه ناشئة عن النظرة الشاملة للأحداث العالمية؛ لا تقتصر أسباب المرض و الصحة البدنية و العقلية على الأسباب المادية و الشؤون الأخلاقية والروحية لها تأثير في هذا الصدد.
من الممكن أن يكون تأثير الأسباب الروحية على الصحة والمرض الجسدي من خلال نفس الأسباب المادية؛ و مع ذلك فإنه ليس کلاما تاماً وصحيحًا بأن الأسباب المادية لها تأثير جزمي و اساسي ذاتيًا على المرض والصحة البدنية في جميع الحالات.
لم ينكر الأنبياء والأئمة الأسباب المادية؛ بدلا من ذلك فتحوا العين البشرية من كونها محدودة في الأشياء المادية إلى أفق أوسع وأعمق في الكون؛ لذلك بالإضافة إلى الاهتمام بالأسباب المادية يجب أيضًا الانتباه إلى الأسباب الروحية و من أجل الحد من حدوث المشاكل و حل الاضطرابات و الرقي بنوعية الحياة فمن الضروري عدم تجاهل الأسباب المادية والأسباب الروحية معا.
آثار الشؤون الروحیة
اليوم يؤكد علم النفس وعلم الاجتماع إلى جانب العقل والدين على أهمية الأخلاق والروحانية و دورهما في رفاهية الإنسان في مختلف جوانب الحياة؛ الدين والروحانية يجعلان الحياة ذات مغزى وهادفة و تخلقان الأمل في قلوب الناس و تحرران الناس من الشعور بالوحدة والخوف؛ ومع ذلك فإن هذه الأثار هي جزء صغير من الأثار غير المادية للدين والروحانية؛ و تفسير آثارها الحقيقية والتكوينية في نطاق الوجود البشري هو في أيدي الأنبياء فقط.
تؤكد الدراسات الطبية و علم النفس التجريبي أن نظام الصحة البدنية يعتمد على صحة أفكار الناس ومشاعرهم وعملياتهم النفسية أكثر بكثير مما يعتقده الناس؛ حيث ان مرض الفكر والعاطفة يمكن أن يضعف جسم الإنسان و يجعله جاهزًا للوقوع في جميع أنواع الأمراض الصعبة و المقیتة.
يوفر الدين والروحانية والأخلاق خدمة لا يمكن الاستغناء عنها من خلال توفير أسلوب حياة قائم على أهداف سامية وقيم حقيقية وقابلة للتحقق وإعطاء المعنى وخلق الأمل ومنع العديد من السلوكيات المدمرة والضارة للصحة الجسدية والعقلية للإنسان؛ الدين والروحانية يكملان علم الطب في التعرف على الأمراض والوقاية منها وعلاجها و رفع مستوی جودة الصحة البشرية الشاملة و لم يسبق لهما الظهور في موقع المنافسة و المعارضة للمعارف و العلوم الإنسانية العميقة الجذور.