|
|
(٤ مراجعات متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة) |
سطر ١: |
سطر ١: |
|
| |
|
|
| |
| من هو النبي يحيى (ع)؟
| |
|
| |
| النبي يحيى (ع) هو أحد أنبياء الله وابن النبي زكريا (ع). وُلِد يحيى عندما دعا والده زكريا في شيخوخته أن يرزقه الله ولدًا، فاستجاب الله دعاءه ووُلد يحيى. وقد سمّاه الله باسم "يحيى"، وذُكر اسمه خمس مرّات في القرآن. وردت في القرآن ألقاب وصفات خاصة به، منها ما جاء في سورة مريم أن يحيى أُوتي التقوى والطهارة والحكمة.
| |
|
| |
| يُعرِّف القرآن هذا النبي بأنّه مُصدّق لعيسى (ع)، وقد أُعطي "الحُكم" في صغره. اختلف المفسرون في تفسير "الحُكم"، فبعضهم فسّره بالنبوة، وبعضهم بالعلم والحكمة.
| |
|
| |
| ==السيرة الذاتية==
| |
| يحيى (ع) هو ابن النبي زكريا (ع)، وكان أيضًا ابن خالة النبي عيسى (ع). ووفقًا لبعض المؤرخين، وُلد يحيى بعد ستة أشهر من الحمل. ورد في قصة ميلاده أنّ والده زكريا (ع) كان عقيماً وقد بلغ سنّ الشيخوخة، فدعا الله أن يرزقه ولدًا، فبشّره الله بيحيى.[1]
| |
|
| |
| يحيى هو نفسه "يوحنّا المعمّدان" في التقليد المسيحي. ويعتقد بعض الباحثين أن "يحيى" هو الصورة المحرّفة لاسم "يوحنا".[2]
| |
|
| |
| === مكانته ===
| |
| يعتبر يحيى عند المسيحيين ابن خالة عيسى (ع) ومُعَمِّده، حيث عمّد عيسى، وآمن به عندما أعلن نبوته. يُدعى يحيى في اللغات الأوروبية "جان".[3] ورد في الإنجيل أنّ يحيى هو نبي الله الذي صدّق المسيح (ع)، لكن هناك تناقضات في الأناجيل الأربعة بالنسبة لهاتین المسألتین. وهناک ثلاث قضايا رئيسية في تصديق يحيى لعيسى (ع) في الأناجيل: أولاً، أن يحيى (ع) وصف المسيح (ع) بأنه "ابن الله"، ثانيًا، أنه سمّاه "حمل الله" الذي يُضحّى به لغفران خطايا الناس، وثالثًا، أنّه أرسل تلاميذه للتحقق من المسيح (ع) وكأنّه لم يكن يعرفه. اشتهر يحيى (ع) في الأناجيل بـ"المعمّدان"، ونُسب إليه تعميد الناس. وقد مدحه المسيح (ع) مرارًا، ووردت إشارات إلى زهده وتقواه ومواعظه في الأناجيل.[4]
| |
|
| |
| اعتبر الصوفية حال يحيى نموذجًا للكمال في الزهد والتقشّف، ودليلاً على الانغماس في الخوف والحزن في السير إلى الله. قال ابن عربي: لما كان يحيى موصوفًا بالانقباض والخوف والخشية، ومشهورًا بالحزن والبكاء والرهبة، لذلك كان يحيى مظهرًا لصفات جلال الله.[5]
| |
|
| |
| وقد اشتهر بين الأنبياء أن يحيى (ع) كان يتأثر بالموعظة بسرعة شديدة، ويظهر عليه انفعال واضطراب عميق. حتى أن زكريا (ع) كان إذا أراد وعظ بني إسرائيل، ينظر يمينًا ويسارًا، فإذا كان يحيى حاضرًا، لم يذكر اسم الجنة أو النار.[6]
| |
|
| |
| الصابئة المندائيون، الذين ذُكر اسمهم ثلاث مرات في القرآن، هم أتباع يحيى (ع)، ويعتبر التعميد من طقوسهم الرئيسية.[7] وقال العلامة الطباطبائي: "لعل الصابئة الموحّدين هم أتباع يحيى".[8]
| |
|
| |
| ==يحيى في القرآن==
| |
| ذكر القرآن أن زكريا (ع) دعا في شيخوخته أن يرزقه الله ولدًا طاهرًا زكيًا،[9] فاستجاب الله دعاءه وسمّى الولد "يحيى".[10] وكان زكريا زوج خالة مريم (ع)، ويُقال إنّه عندما رأى كراماتها،[11] انبعث فيه الأمل فدعا الله أن يرزقه ولدًا.[12]
| |
|
| |
| ===الأوصاف والألقاب===
| |
| ذُكر اسم يحيى في القرآن (الآية 86 من سورة الأنعام) مع موسى (ع)، وهارون، وزكريا، وعيسى (ع)، وإلياس، وعدد من الأنبياء الآخرين، حیث اعتبرهم القرآن من الصالحین والأنبياء.[13]
| |
|
| |
| وفي الآيات 12 - 15 من سورة مريم، ذُكرت عشر نعم أنعم الله بها على يحيى:
| |
|
| |
| 1. "وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا" (منحناه الفطنة والحكمة في الصغر).
| |
| 2. "وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا" (منحناه رحمة ومحبة تجاه الخلق).
| |
| 3. "وَزَكَاةً" (منحناه طهارة الروح والعمل).
| |
| 4. "وَكَانَ تَقِيًّا" (كان يتقي مخالفة أمر ربه).
| |
| 5. "وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ" (كان بارًا بوالديه).
| |
| 6 و7. "وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا" (لم يكن متكبرًا عاصيًا). 8 و9 و10. "وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا".[14]
| |
|
| |
| ومن الألقاب اللافتة التي وردت في القرآن عن يحيى كلمة "حَصُور"، التي ذُكرت مرة واحدة في الآية 39 من سورة آل عمران. "حَصُور" مشتقة من "الحَصْر" بمعنى "الحبس"، أي الذي يحبس نفسه عن الشهوات. وقد تُستخدم للإشارة إلى الامتناع عن الزواج. وتدلّ هذه الصفة ليحيى (ع) في القرآن على أعلى درجات العفّة والطهارة، أو أنّه -مثل عيسى (ع)- اضطر إلى العزوبة بسبب ظروف حياته وترحاله الدعوي. ويرجّح أن "حَصُور" تعني الزهد الشديد وترك شهوات الدنيا.[15] وقال بعضهم إن الكلمة تشير إلى التقوى الصارمة أو ضبط النفس.[16]
| |
|
| |
| ===مصدّقًا بكلمة من الله===
| |
| من ألقاب يحيى في القرآن: {{قرآن|مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ}} (آل عمران: 39)، أي أنه يصدّق "كلمة الله" (المسيح عيسى).[17] تشير هذه العبارة إلى أنّ يحيى (ع) كان من دُعاة دين عيسى (ع)، والمقصود بـ"الكلمة" هنا هو عيسى (ع)، الذي وصفه القرآن في نفس السورة بأنه "كلمة الله".[18] كان يحيى أكبر من عيسى بستّة أشهر، وكان أول من صدّق نبوته ودعا إليه، ولما كان مشهورًا بالزهد والطهارة، كان تأييده للمسيح (ع) ذا تأثير عميق في الناس.[19]
| |
|
| |
| ===إيتاؤه الحُكمَ في الصغر===
| |
| ذكر القرآن أن يحيى أُعطي "الحُكم" في طفولته: {{قرآن|وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}} (مريم: 12). فُسّر "الحُكم" هنا بالفهم والعقل، أو بالحكمة، أو بمعرفة آداب الخدمة، أو بالفَراسة الصادقة، أو حتى بالنبوة. ويرى العلامة الطباطبائي أنّ الآيات القرآنية التي وردت فيها كلمة "حُكم" تُستخلص منها أن "الحُكم" غير النبوة، وأنّ تفسيرها بالنبوة ليس تفسيرًا صحيحًا. كما أنّ تفسيرها بمعرفة آداب الخدمة أو الفراسة الصادقة أو العقل - كل ذلك غير سليم؛ لأنّه لا يوجد في اللفظ القرآني ولا في المعنى ما يدلّ على أيّ من هذه المعاني. [20] فالمراد بالحُكم هنا هو العلم بالمعارف الحقيقية الإلهية، وكشف الحقائق المُستترة في غيب الأمور، والتي تكون خفيةً عن الإدراك العادي. [21]
| |
|
| |
| بينما يرى بعض المفسرين أن "الحُكم" يعني الفهم العميق للتوراة والتفقّه في أحكام الدين، [22] أو البصيرة والحكمة والفِطنة والفهم الصحيح للشريعة. [23] أما الطبرسي فقد فسّرها بالنبوة.
| |
|
| |
| ===الكتاب===
| |
| خاطب القرآن يحيى بقوله: {{قرآن|يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ}} (مريم: 12). والمشهور بين المفسّرين أنّ "الكتاب" هنا هو التوراة، بل ادّعى بعضهم الإجماع على ذلك. لكن البعض احتمل أن يكون ليحيى كتاب خاص به (مثل زبور داود)، لكن ليس كتابًا يشمل شريعة جديدة.[25] ويبدو من سياق الآية أن المقصود بـ "أخذ الكتاب بقوة" هو تحقيق معارفه، وتطبيق أوامره وأحكامه بعزمٍ واهتمامٍ.
| |
|
| |
| ===تشابه يحيى وعيسى===
| |
| سمّى الله ولد زكريا يحيى، وولد مريم عيسى. وكلمة يحيى تعني "يبقى حيًا" وكلمة عيسى كذلك كما قيل تحمل هذا المعنى. فقد سمّى يحيى كلمة، وعيسى أيضا سمّاه كلمة وقال: {{قرآن|بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى}}. وآتاه الحكم وعلّمه الكتاب في طفولته، وآتى عيسى الحكم والكتاب أيضا. ووصفه بمحبة الهية، بينما وصف عيسى بأنّه بارّ بأمّه.
| |
|
| |
| کذکل سمّاه زكاة، وجعل عيسى مأمورا بالزكاة. وسلّم عليه في ثلاث مواطن، وسلّم على عيسى أيضا. وسمّاه سيّدًا، وسمّى عيسى وجيهًا عند الله. ووصفه بأنّه حَصور ونبيّ من الصالحين، وكذلك كان عيسى.
| |
|
| |
| وكل ذلك كان لإجابة دعاء زكريا حين طلب ولدًا طيبًا ووليًّا مرضيًا مقبولًا، ولكي يمنحه ما أنعم به من الكرامات التي ظهرت في مريم.[27]
| |
|
| |
| ==استشهاده==
| |
| لم يذكر القرآن شيئًا عن مقتل يحيى، لكن ورد في الأخبار والتفسيرات أن "هيرودس" ملك فلسطين، الذي كان مغرمًا بابنة أخيه "هيروديا"، أراد الزواج منها. فعارض يحيى (ع) هذا الزواج غير الشرعي صراحةً، فحقدت عليه المرأة ورأت فيه العقبة الكبرى، فاستغلت تأثيرها على عمها، وطلبت منه رأس يحيى هدية. فاستجاب الملك لطلبها، وسلّم لها رأس يحيى، لكنه ندم بعد ذلك على فعلته.[28]
| |
|
| |
| في بعض المصادر، اسم هذه المرأة "إيزابل"، زوجة الحاكم، التي أرادت تزويج ابنتها من زوج سابق بالحاكم، لكن يحيى عارض ذلك، فطلبت رأسه وقتلته بنفسها.[29]
| |
|
| |
| قال الإمام الحسين (ع) عن يحيى: "إن من دناءة الدنيا أن يُهدى رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل".[30]
| |
|
| |
| كتب الكاتب المسرحي الأيرلندي أوسكار وايلد (1854-1900م) مسرحية بعنوان "سالومي"، مقتبسة من قصة يحيى في العهد الجديد.
| |